الاقتصاد المصرى وآفاق صناعة الترفيه

( الجزء الثانى )

The Egyptian Economy and Prospects of Entertainment Industry

(Part II)

 

| FIRST | PREVIOUS | PART II | NEXT | LATEST |

 

NEW: [Last Minor or Link Updates: Thursday, February 10, 2011].

 January 8, 2003: ‘When addressing Egyptian Film Industry, to whom I should talk?’ The Answer: To the corrupt film critics.

 

In Part I

 March 1, 2002: Does the Arab culture worth $2 Billion? A question arises while the long-awaited bankruptcy of Al-Arabiia looms.

 November 8, 2001: The legendary Egyptian Television collapses. What should be done?

The Grinch

 November 27, 2000: The Grinch to become Egypt’s No. 1 movie been screened within ten days of its original American release, and might be the biggest movie ever to be pushed to theaters in the fast month of Ramadan.

 October 2000: Al-Arabiia, when merger means chaos.

Short wa Fanella wa Cap

 June 2000: Al-Arabiia, a new and relatively big Egyptian film company with only one apparent objective: wasting its money!

Ganzoury

 January 3, 2000: Whatever Happened to Baby Egypt (and lead her to strangle her best Prime Minister and ride a one-way ticket, well, to HUNGER)? [Partially became the original entry of Politics page]

 

ê Please wait until the rest of page downloads ê

 

’ إذا تدهورت إحدى الصناعات ، فى هذه الحالة فقط تنتفى قاعدة عدم تدخل الحكومة فى الاقتصاد ، إذ عليها أن تبادر ...وتقضى عليها ‘

فحوى إحدى التعاليم الرئيسة فى كلية الاقتصاد الشهيرة ’ مدرسة شيكاجو ‘

( أفكار مدرسة شيكاجو كانت بدرجة أو بأخرى ملهمة لأغلب النهضات الكبرى للدول الفقيرة فى القرن العشرين مثل النمور الآسيوية وبالأخص كثيرا تشيلى الچنرال پينوتشيت ) ç

 التحليل الأساس ميكروسوفت مكروسوفت افلام الافلام فيديو الفيديو فديو الفديو تلفزيون التلفزيون تليفزيون التليفزيون تليفزيونى التليفزيونى تلفزيونى التلفزيونى تليفزيوني التليفزيوني تليفزيونية التليفزيونية تلفزيونية التلفزيونية بترول البترول الأرجنتين شيكاغو مدرسة شيكاغو الوارد بهذه الصفحة تحت عنوان ’ الفرص الحقيقية أمام بليون جنيه استثمارات سينمائية جديدة فى مصر ‘ كتب بقلم مدحت محفوظ فى مايو 1998 وعمم فى العدد الأول من جريدة ’ المستثمر ‘ التى تصدر فى مصر . وكان يشمل أيضا عددا من الصناديق التوضيحية الموجزة عن ’ نظم الصوت الرقمية ‘ و’ دولبى… دولبى… ‘ و’ الپاناڤيچان ‘ وأخيرا ’ قصة الاستثمارات الياپانية فى هولليوود ‘ .

فى يناير 2000 تقرر أن تكون هذه المواد نواة لهذه الصفحة التى تراقب بالخبر والتعليق تطورات بيزنس وتقنيات الترفيه عامة وفى مصر على نحو خاص ، ذلك لأنها تؤرخ لبداية مرحلة جديدة من الاستثمار الطموح لم تعهدها السينما المصرية من قبل . أيضا تم استحداث صندوق بعنوان دور العرض فى مصر —خلفية تاريخية كان فى الأصل دراسة للمؤلف عن تاريخ دور العرض فى مصر عممت فى الكتاب التذكارى Egypte —100 Ans de Cinéma الصادر سنة 1995 عن معهد العالم العربى بپاريس بمناسبة مرور مائة عام على ظهور السينما .

الجزء الثانى من هذه الصفحة افتتح فى 27 مارس 2003 لأسباب تتعلق بأحجام الصفحات ، وتحديدا بسبب إبراد نص الدراسة المذكورة أخيرا كاملا لأول مرة ، بعد أن كان فقرات مقتطفة فقط . جميع التحديثات منذ بداية عام 2002 تم نقلها هنا [ بعد تقسيم الصفحة لصفحتين مستقلتين الصناعة والسياسة فى فبراير 2005 ، أصبحت التحديثات الواردة هنا تبدأ من مطلع 2003 ، بينما عادت كل تحديثات 2002 للجزء الأول ] .

السبت 24 سبتمبر 2005 5:22 ص : هذا ما تم تنفيذه الآن والباعث الحقيقى منذ 4 سپتمبر هو التحول لاستثمارات البورصة وصناديق الاستثمار والانشغال الكبير بها ومن ثم قرار إلغاء قسم التليڤزيون حديث الميلاد وضم تحليلاته لصفحة الصناعة وبقية صفحاته للأرشيڤ ( توجد نسخة من هذا النص فى ترويسة السياسة والتليڤزيون ) فى 4 سپتمبر 2005 ضمت التحليلات التى كانت جزءا من الصفحة الأمامية لقسم التليڤزيون هنا ، باعتبارها جميعا تختص بصناعة الترفيه ، وذلك فى إطار قرار بتأجيل المتابعات فى القسم المذكور ، لا سيما الخاصة بمتابعات عروض الأفلام ، لأجل لاحق ( ما تم إبراده بالفعل موجود حاليا بقسم الأرشيڤ ) .

نحن نرحب بكافة المساهمات من تعليقات أو أخبار من زوار الموقع من خلال المساهمة المباشرة فى لوحة الرسائل إضافة أو قراءة أو بالكتابة عبر البريد الإليكترونى .

 

 

الجديد ( تابع جزء 1 ) :

 

Catherine Zeta-Jones on the Empire magazine cover, December 1998.

The Boy Who Cried Invasion!

(Note: Due to the limitations of our page width the latter two pics are displayed only at part of their original size. Save them then view at full quality using any graphic software).

 8 يناير 2003 : هراء ما بعده هراء ما كتبته صفحة السينما بالأهرام اليوم تندد فيه بمطالبة غرفة صناعة السينما بزيادة عدد نسخ توزيع الأفلام الأميركية داخل مصر إلى ثمان بدلا من خمس . والأستاذ نادر عدلى صديق عزيز بمعنى الكلمة ، ومن ثم طالما نصحته أن لا يتطرق لموضوعات البيزنس على وجه الإطلاق ، ليس لعيب شخصى فيه ، إنما لأن أحدا فى كل الصحافة المصرية لا يفقه شيئا فيها ، ولا ينتظر لأحد أن يفقه شيئا فيها فى المجرى المنظور .

وكيف يفهم الصحفيون البيزنس إذا كان رجال البيزنس أنفسهم لا يفهمون البيزنس . وإلا قل لى أين ضاعت بلايين الجنيهات من البنوك ، تلك التى اقترضوها ، حالمين كل منهم أنه سيصبح أقوى رجل فى مصر ، وترث أسرته جبروته من بعده ، فإذا به جثة تتعفن داخل السجن ، أو فى الحالات المحظوظة جدا يفلت بجلده للخارج ببعض الفكة يتعيش منها ما تبقى له من عمر ؟ حتى من قالوا إن الشعب المصرى لن يكف عن الأكل هم الآن فى السجن !

على الأقل هل تخيلت قط يوما كل هذه المهانة ، سجنا ونهشا بمخالب كلاب الصحافة الجائعة ، مصيرا لبيزنسى لامع مستنير كحسام أبو الفتوح مثلا ؟

مبدئيا ، كيف يفهم الصحفيون البيزنس إذا كان رجال البيزنس أنفسهم لا يفهمون البيزنس . دراسات الجدوى تتم فى مصر بطريقة واحدة ، ولا يستغرق إعدادها سوى ثوان معدودات : صاحب رأس مال يقول الشعب المصرى لن يكف عن فعل كذا ، ويفتتح مشروعا . حتى من قالوا إن الشعب المصرى لن يكف عن الأكل هم الآن فى السجن ( نجم الغناء محمد الحلو ليس إلا مثالا متواضعا ! ) . أما حكومتنا الرشيدة فلا دور لها سوى دفع الجميع للاستثمار الأهوج ، لإثبات أن مصر بلد الأمن والأمان ، وأرض الفرص أكثر من كوكب المريخ فى فيلم بليد رانر ، حتى لو يكن بها نظام تعليمى من الأصل !

نعم ، نجوم البيزنس أنفسهم عندنا لا يفهمون شيئا فى البيزنس . وإلا قل لى أين ضاعت بلايين الجنيهات من البنوك ، تلك التى اقترضوها ، حالمين كل منهم أنه سيصبح أقوى رجل فى مصر ، وترث أسرته جبروته من بعده ، فإذا به جثة تتعفن داخل السجن ، أو فى الحالات المحظوظة جدا يفلت بجلده للخارج ببعض الفكة يتعيش منها ما تبقى له من عمر ؟ على الأقل هل تخيلت قط يوما كل هذه المهانة ، سجنا ونهشا بمخالب كلاب الصحافة الجائعة ، مصيرا لبيزنسى لامع مستنير كحسام أبو الفتوح مثلا ؟ [ لاحقا هذا الشهر ، هالة سرحان حلقة هلا شو 20030203 ولا أعرف بالضبط متى بدأ طرح الشرائط المباحث نفسها ، أو ربما جهات أعلى ، صنعت بيزنسا حقيرا صغيرا ، من خلال تسريب أحد شرائطه الجنسية الخصوصية مع زوجته دينا التى يسمونها راقصة وكأن هذا يحط منها ، وهى دارسة الفلسفة الحاصلة على درجات علمية أكثر احتراما عالميا من شهادات رئيس وزرائنا ! ] . على أقل تقدير ، حتى لو كان هناك من يفهم البيزنس ، فهو مضطر لأن ينسى كل ما درسه إذا ما أراد الاشتغال فى مصر .

المشكلة فى إدمان نادر عدلى الكتابة فى البيزنس ، ليست أنه يريد منافسة صديقه الذى هو أنا ، وكنت ولا زلت أعتز بأنى أول من فعل هذا فى بيزنس الترفيه العربى ، ذلك على صفحات العالم اليوم طيلة نصف التسعينيات الأول ( واعتز بها وأنا أغيظ أصدقائى من النقاد قائلا إنى أول من أدخل كلمة دولار إلى النقد السينمائى العربى ، للتذكير بأنها الكلمة التى يتسابقون جميعا على استخدامها الآن ! ) . المشكلة فيما يكتب نادر عدلى أنه يصل بنا لآفاق جديدة فى المناقشة ، عبثية أو سيريالية والمؤكد أن لم يسبق لنا أن تخيلناها قط ، منها هذه المرة أن أصبحنا فى حاجة لمناقشة ما هو تعريف السينما المصرية أصلا .

فى فيلم ’ وا إسلاماه ‘ سأل زعيم المجول لدى دخوله مصر : لما أحب أكلم مصر أكلم مين ؟ نادر عدلى لا يعترف بغرفة صناعة السينما ممثلا لصناعة السينما المصرية ! يا سلام سلم ! قديما أشرت عليه أن قبل أن يكتب فى حماية الفيلم المصرى من نسخ الفيلم الأميركى أن يسأل أولا منيب شافعى أو عادل إمام أو شريف عرفة أو محمد هنيدى أو أى أحد يعجبه . على الأقل هذا ما فعلته أنا قبل ثلاث سنوات ، ليس طبعا من خلال المدخل الوجيز أعلاه عن تلك المجادلة فى دورتها السابقة ، بل من خلال برنامج تليڤزيونى موسع كنت أستضيف فى كل حلقة منه واحدا ليدلى بدلوه فى الأمر ، وكان المطروح السماح بست عشرة نسخة ، وليس حتى ثمان كما الحال اليوم . وأذكر أن كان منهم رئيس الغرفة منيب شافعى والمنتج محمد حسن رمزى والنجم أحمد آدم والموجه سمير سيف ، وآخرون لعلى لا أذكرهم كلهم حاليا .

مال أم وزارة الثقافة ومال السينما ؟ السينما صناعة قومية تتبع رسميا الوزارة المسماة بقطاع الأعمال التى هى من الأهمية بحيث يرأسها دوما رئيس الوزراء . وكل الكلام عن الفن والثقافة هو مسمار حجا لا أكثر ، ولو أرادت تلك الوزارة الفن والثقافة حقا لأحضرت أموالها واشترت نسخا من الأفلام وأنشأت أرشيڤا للسينما ، كما يحدث فى سائر الدول الشيوعية مثلنا وصعودا حتى فرنسا ، أو لألغت نفسها كما حال أميركا وهو الأفضل . عدا هذا فأى تدخل من وزارة الثقافة فى السينما ‑ولنسم الأشياء بمسمياتها الحقيقية‑ هو بلطجة صريحة وفساد بيروقراطى واستجداء للرشاوى لا أكثر !

ما أذكره أن كان الجميع يقولون نفس العبارات بالضبط تقريبا : مرحبا بأى عدد من نسخ الفيلم الأميركى ، ولو مائة نسخة . نحن لن نخاف منها . بالعكس ، سننافسها وسنحتل منها فى كل المواسم الساخنة للمشاهدة كالصيف والأعياد ، جميع دور العرض التى ستنشأ بفضلها ، والتى نعلم أنها لن تنشأ بدونها أبدا .

هذه المباهاة المخيفة من ضيوفى هؤلاء ، صناع السينما الشغالين فعلا ، وليس الواعظين من منازلهم ، حقيقية وليست جوفاء كما تبدو للوهلة الأولى . وأبسطها أن تراجع نصيب الفيلم الأميركى من الشباك المصرى عام 2002 المنصرم للتو إلى 23 0/0 فقط ، 29.0 مليونا من الجنيهات ( التهام الضرائب والمصروفات لمعظم هذا الرقم بعد ذلك ، ليس موضوعنا ) مقابل 96.0 مليونا للفيلم المصرى ، ذلك بعد أن كانت 33 0/0 قبل عامين فقط ، 30 مليونا مقابل 60 بالترتيب . لكنى للحق أقول إنه بعد تلك المباهاة متبجحة الوقع على الأذن ، كان الجميع يتحدث بتواضع أنهم لولا مشاهدة الفيلم الأميركى ، ولولا محاكاتهم الدائمة له ، بل ولولا ضغوط المنافسة والتقدم المتسارع فى السينما العالمية ، لما وجدوا أنفسهم يصنعون أفلاما ناجحة أبدا ، أو ينشئون ستوديوهات جيدة ، وهلم جرا .

( ما لم يقله هؤلاء هو فقط مال أم وزارة الثقافة ومال السينما ؟ السينما صناعة قومية تتبع رسميا الوزارة المسماة بقطاع الأعمال التى هى من الأهمية بحيث يرأسها دوما رئيس الوزراء . وكل الكلام عن الفن والثقافة هو مسمار حجا لا أكثر ، ولو أرادت تلك الوزارة الفن والثقافة حقا لأحضرت أموالها واشترت نسخا من الأفلام وأنشأت أرشيڤا للسينما ، كما يحدث فى سائر الدول الشيوعية مثلنا وصعودا حتى فرنسا ، أو لألغت نفسها كما حال أميركا وهو الأفضل . عدا هذا فأى تدخل من وزارة الثقافة فى السينما ‑ولنسم الأشياء بمسمياتها الحقيقية‑ هو بلطجة صريحة وفساد بيروقراطى واستجداء للرشاوى لا أكثر ! ) .

أتمنى أن يكف المصريون عن مشاهدة محمد هنيدى ويشاهدون توم كرووز . لكنى أعلم جيدا أن هذا لن يحدث أبدا فى الأفق المنظور ، على الأقل لأن تغيير مستوى تعليم وثقافة الشعب المصرى لن يتم فى أى وقت قريب . ثم من يجزم أن ساعتها لن تكون السينما المصرية نفسها قد تطورت من خلال نجاحاتها المادية ومن خلال المنافسة والتعلم من السينما الأميركية ، وأصبحت عالمية كما هى السينما الصينية والهندية الآن مثلا ، وتستحق مشاهدة كل الشعوب الراقية .

كتبت هذا وأكتبه من جديد ، دفاعا عن الاقتصاد المصرى ، وفقط لأنى أعانى فى حياتى الشخصية من تدهوره . وأكتبه دفاعا عن السينما كصناعة كبيرة متكاملة من بين صناعاته ، أوسع مفهوما بكثير من مجرد إنتاج أفلام مصرية ، وإن كانت هى القلب بالطبع . ولا أكتبه بالمرة دفاعا عن السينما المصرية فى حد ذاتها ( وبالذات إذا ما اعتبروها مسألة ثقافة وهوية إلى آخر هذا الهراء ) ، ولم ولن أزعم ذلك أبدا . ولطالما قلت ( ومنه المدخل المذكور قبل ثلاث سنوات أعلاه ) إنى لا أنكر بل أتباهى ، بأننى شخصيا أتمنى أن يكف المصريون عن مشاهدة محمد هنيدى ويشاهدون توم كرووز . لكنى أعلم جيدا أن هذا لن يحدث أبدا فى الأفق المنظور ، على الأقل لأن تغيير مستوى تعليم وثقافة الشعب المصرى لن يتم فى أى وقت قريب . ثم من يجزم أن ساعتها لن تكون السينما المصرية نفسها قد تطورت من خلال نجاحاتها المادية ومن خلال المنافسة والتعلم من السينما الأميركية ، وأصبحت عالمية كما هى السينما الصينية والهندية الآن مثلا ، وتستحق مشاهدة كل الشعوب الراقية .

من هنا نعود لما كتبه الأهرام اليوم قائلين : إذا كان منيب شافعى ومحمد حسن رمزى وعادل إمام هم ’ المشبوهون ‘ ، عملاء هولليوود ، فى نظر نادر عدلى ، فمن هم إذن السينما المصرية ؟

كنت أجيب نفسى قائلا لعلها يوسف شاهين . وأخذت أنصحه لسنوات تالية أن يسأل يوسف شاهين الذى بعد أن ظل يخرب السينما المصرية بأفلامه أربعين عاما كاملة ، بمباركة كل النقاد والمثقفين ‑مرتشون وغير مرتشين ، ويقال أنه يوما ربط نفسه ‑أو شرع فيه‑ بسور مكتب الدكتور الجنزورى احتجاجا على إنشاء الشركات السينمائية المصرية الكبيرة ، اتجه أخيرا ‑وهو أفضل شىء فعله فى حياته فى رأينا‑ لبيزنس دور العرض التى تعج بالأفلام الأميركية ’ التجارية ‘ و’ التافهة ‘ إلى آخر كلمات قاموسهم الذى تعرفه أنت وأنا جيدا طيلة تلك الأربعين عاما . المؤكد اليوم أن نادر عدلى لو سأله سوف تخذله الإجابة ، بعد أن ظل يعتقد طويلا أنه يكتب ‑دون أجر ، أعلم هذا وأجزم صادقا بأمانته‑ لحساب يوسف شاهين أو ما يسمى بالسينما الذاتية والواقعية والفنية وسينما المؤلف ، وكل ذلك الهراء الذى تعرفه كما أعرفه أنا ، وفائدته الوحيدة عند غير المرتشين أنه يعطيهم إحساسا بالأهمية والثقافة وترفع المستوى ، وعند المرتشين له فوائد أخرى .

بصراحة ، لقد جعلنا نادر عدلى كما زعيم المجول لا تعرف من نكلم : هل نكلم رضوان الكاشف ؟ كان صديقى هو الآخر ، لكنه للأسف مات . على أنه بفضل نادر عدلى عرفنا اليوم أن تصريحاته النارية الشهيرة ضد الموزعين ودور العرض ، لم تمت . هل نكلم مجدى أحمد على الذى يحشد كل الدنيا بما فيها ناقد ناقد الجريدة المسماة بالقومية الأخرى الشهير جدا ( أو لعلنا لا نعرف بالضبط من يحشد من ؟ ) ، لإرسال فيلمه ’ أسرار البنات ‘ عنوة للأوسكار ، ويضعنا ‑السينما المصرية ومركزها الكاثوليكى معا‑ فى موضع الفضيحة التى ما بعدها فضيحة ؟ هل نكلم حزب التجمع أو الحزب الشيوعى المصرى ، لعلهم يقولون لنا إنهم من يمثلون اليسار فى مصر ؟ فالواقع يقول إن السينما المصرية طبقا لكل التعريفات الصحفية المتاحة وطبقا للجوائز الممنوحة هنا وهناك ، هى سينما الشيوعيين . تكون فى ’ أزمة ‘ حتى لو حققت مائة مليون فى السنة ، لو أن هؤلاء لا يشتغلون . وتكون فى ازدهار ورواج ، حتى لو لم تنتج سوى 16 فيلما سنة 1997 لم تحقق شيئا ، ذلك طالما هم يتحفوننا بأفلامهم الفذة .

اعتدت شخصيا أن أسمى أفلامهم التى تحقق 50 ألفا لو حققت ، أفلام العروض الخاصة . فأنت يمكنك تجميع كل من شاهدوها فى قاعة مثل سينما كايرو پالاس التى لم تعجب صاحب ’ عرق البلح ‘ ، فتأتينا بالخمسين ألفا من حفلة واحدة ، وكفى الله المؤمنين شر قتال محمد حسن رمزى . وبالمناسبة وللتاريخ ، المسكين رمزى لم يرفع ’ عرق البلح ‘ من كايرو پالاس ، بل التزم الرجل بتعاقد الأسبوعين ‑70 حفلة ، تخيل ! وكلها خاوية ، لا حاجة للتخيل !‑ أما من لم يلتزم فهو يوسف شاهين . وحيثيته هذه المرة ليست فقط أنه البيزنسمان صاحب سينما أوديون التى لا تريد الاستمرار فى عرض فيلم فاشل لموجه مغمور ويفضل عليه فيلما أميركيا ناجحا ، أو حتى يدان بصفته الإله المتوج للسينما الفنية فى مصر ولا يصح أن يخون أحد تلاميذه ، إنما ‑صدق أو لا تصدق‑ أنه هو نفسه منتج ’ عرق البلح ‘ ! نعم ، هو يربح من خلال الضحك على الشريك الفرنسى ، سواء من خلال توقيع العقود فى حد ذاتها ، أو من خلال التلاعبات التالية فى التنفيذ ومالياته دون علم الفرنسيين . والمؤكد أن ليس فى حساباته أصلا أن الأفلام يفترض أن تعرض بعد ذلك . لم تكن هذه المرة الأولى التى ينتج فيها شاهين الأفلام بهذه الطريقة ، لكن البائس رضوان لم يكن يفهم اللعبة ، وصدق أنه صنع فيلما يمكن أن يعرض على الناس ، فصب جام غضبه على محمد حسن رمزى ، ومات بعد قليل !

عامة رأيى أن صناع ما يسمى بالسينما بالسينما الفنية هم الأكثر غباءا من الجميع حين يحاربون مبدأ زيادة نسخ الأفلام الأميركية . لا أكاد أتخيل كيف أنهم لا يرون فى هذا مصلحتهم ، إن لم يكن أملهم الوحيد فى البقاء . فإذا حدث وكان لطوفان الأفلام الأجنبية أن يؤدى لفتح عشرات أو مئات من الشاشات الجديدة ، فخريطة السنة ستوزع على النحو التالى : الفصول الأكثر رواجا كالصيف والأعياد ستستأثر بها كالمتوقع الأفلام المصرية الكبيرة . الشتاء والخريف متوسطا الإقبال سيصبحان من نصيب السينما الأميركية . ليبقى بعدها فصل الربيع ، المسمى عندنا بموسم الامتحانات تستجدى فيه دور العرض أفلاما . هذا سيخلق ما يسمى بسوق كوة niche market سيرحب فيه الجميع بالأفلام الأقل جماهيرية مصرية وأجنبية . أما فى الوضع الحالى فالغالبية مضطرة ’ لحرق ‘ أفلامها فى هذا الموسم ’ الميت ‘ ، ومن ثم تطرد ما هو أصغر منها ليجد نفسه بلا منفذ للعرض على وجه الإطلاق !

وطبعا بمرور الوقت يمكن أن تتحول هذه السينما الصغيرة نفسها لصناعة معتبرة قائمة بذاتها ، وجزء لا يتجزأ من صناعة السينما ككل لا تستطيع هذه الاستغناء عنه .

The $200 million (so far) New Library of Alexandria, Egypt, August 7, 2000.

The ‘New’ Library of Alexandria: Wrong Time, Wrong Place, and of Course, Wrong People.

هل عندما نريد محادثة السينما المصرية ، نحادث النقاد ؟ نحادث مثلا ناقد الجريدة المسماة بالقومية الأخرى ، أشهر من دافع عن تلك السينما الفنية ‑نظير أجر أو بدون لا نعلم‑ ، وينصح ‑نظير أجر أو بدون لا نعلم‑ كل من يعرض عليه سيناريوهاتها منهم عليه أن ينفذوها كما هى دون تغيير حرف واحد ‑نعلم أن هذا مريح وأفضل من اقتراح تعديلات لعله لا يعرفها‑ ، وأنه يضمن لهم الذهاب لمهرجان ڤينسيا ‑نظير أجر أو بدون لا نعلم‑ ، وفى النهاية يرسلهم لڤالينسيا ‑نظير أجر أو بدون لا نعلم‑ ، أو يضمن الذهاب بهم لمهرجان كان ويذهب بهم لخبر كان ‑نظير أجر أو بدون لا نعلم‑ ، وفى كل الأحوال يقول لهم أنهم هم الذين أخطأوا سماع اسم المهرجان . وحتى عندما فشل فى هذه نفسها هذا العام ، حيث لم يقبل حتى ڤالينسيا المتواضع نفسه أو غيره فيلما مصريا واحدا ، دشن حملته ضد المركز الكاثوليكى ‑نظير أجر أو بدون لا نعلم‑ كى يرسل ’ أسرار البنات ‘ للأوسكار . لا أعتقد حتى رغم كل هذا أن إجابة ناقد الجريدة المسماة بالقومية الأخرى ستعجب نادر عدلى . ذلك يعتمد على المزاج الارتزاقى الذى سيجد فيه هذا الناقد ، الذى فى حياته المهنية كتب كل شىء وعكسه ، وأحيانا فى ذات المقال ، من أجل الابتزاز والابتزاز فقط . حاليا ضاقت به كل الجهات الحكومية التى طالما اعتمد ارتزاقه الطفيلى عليها ، ولم يبق له تقريبا الآن إلا واحدة فقط . مكانها فى الأسكندرية وليست حتى فى القاهرة . ذلك أنها جهة مستحدثة العهد ولا يعلم مسئولوها عنه شيئا ، ومن ثم راح عملا بمبدأ البيزنس كالمعتاد ، ينتج من خلالها ما يسمى كتبا وما هى كما تعلم إلا بكاريكاتور كتب . لذلك أعتقد أن الدنيا الآن أضيق من تجعل مزاجه الحالى ضد الشركات كثيرا ، أو عامة لأنه ‑هو أو أى ناقد آخر اليوم باستثناء نادر عدلى البرئ الذى يكتب بفطرية وإخلاص‑ لا يمكن أن يكون قد تخلى عن محاولات التقرب للشركات الكبيرة بأى حال من الأحوال .

للتوضيح أكثر ، نستسمحك أن نضرب المثل بحكاية الناقد الشهير فلان الفلانى مع كتاب دليل الأفلام . والقصة كانت فى رأى بعض أصدقائى أن حجم الكتاب وأصالة مادته غير المسبوقين ، بالأخص لدى المقارنة بكتب هؤلاء التى لا تعدو تجميع مقالاتهم ‑وأحيانا مقالات غيرهم‑ الصحفية السابقة ، هى سبب الحملة الصحفية العدائية التى تعرض لها الكتاب من زعيم عصابة النقد السينمائى المصرى إياه ، ومن ورائه جيش الـ Wonder Boys من النقاد الجدد ، الذين يستخدمهم كل مرة ( أصبح هناك الآن أيضا جيش من الـ Wonder Girls ، كما اتضح من حملة أسرار البنات ! ) .

لكن الغالبية الأكبر من أولئك الأصدقاء كان لها رأى مختلف ، بالذات من عاصروا الشغل وأمور التمويل والتسويق عن قرب ، أو هؤلاء ممن ظهرت أسماؤهم على الكتاب . وهو أن إعلان شركة نهضة مصر الضخم على الغلاف الأخير ، هو السبب الحقيقى للحملة . ويذكروننى بإن ذلك الناقد الشهير لم يحقق أى نجاح بالمرة من وراء اقترابه العلنى على صفحات جريدته ’ القومية ‘ والسرى بعد ذلك ، من هذه الشركة صاحبة أول سلسلة كبيرة لدور العرض الحالية فى مصر . وبالطبع لن يكف أحد عن المحاولة معها أو مع غيرها . على الأقل لأن عقبتهم الكأداء مدير التوزيع فيها آنذاك طارق صبرى ، أحد أكثر من أحبوا السينما وفهموها ( وفهموا أهلها وبالأخص نقادها المصريين ) بحق ، فى تاريخ بيزنس الأفلام فى مصر ، لم يعد موجودا فى مصر كلها الآن . وقد أفلس ربما بسبب هذا الحب والفهم وحدهما ، إن لم نقل بسبب المناخ الفاسد الذين هم وكل صحافتهم المبتزة ، هم الأصل فيه !

ويؤسفنى أن أذكر نادر عدلى بقصة طارق صبرى اليوم ، ذلك أنه ‑أى عدلى‑ دأب يكتب دوما أنه بما أن الكل يشتغل فمن ثم الكل يكسب . وهى فرضية مضحكة تسخف عقولنا بعيدا عن آلاف حالات الإفلاس يوميا عبر العالم ، ويشاركه فى تبنيها أغلب الصحفيين وكتاب الأعمدة فى مصر . أو لعلها مجرد جزء من الحقد الطبقى اليسارى التقليدى ، الذى يثير جنونه ، وبالأخص فى دنيا الصحافة ، وبأخص الأخص فى دنيا نقاد السينما ، أن يروا الملايين تأتى وتذهب حولهم ، ويفترضون أن من حقهم اقتسام الكعكة بحكم المهنة ( ’ تحت الترابيزة ‘ طبعا كما تعلم ! ) . الحقيقة أن تلك فرضية لا تليق بصحفى للأسف ، ناهيك عن أن يكون صحفيا يحاول الكتابة فى البيزنس . إنما هى فقط عينها الفرضية الشهيرة لدى دهماء الشوارع ، ممن لا يفهمون شيئا فى كيف تنشأ أو تدار البيزنسات ، أو المصاعب التى تواجهها من أجل تحقيق القرش الأول من الربح ، ناهيك عن أهوال تحقيق القرش الثانى . ( الفرضية الثانية المتكررة فيما كتب عدلى اليوم وكل يوم ، أن لا يجب أن نترك السينما المصرية لهؤلاء ’ المغامرين ‘ ، لا تستحق التعليق فى الواقع . فتقريبا كل المساعى الاقتصادية والتقنية العملاقة فى التاريخ الإنسانى لم يصنعها إلا الـ entrepreneurs ، الكلمة التى يترجمونها بحكم أيديولوچية الحقد إلى مغامرين ، وكأن حتى هذه الأخيرة شتيمة ! ) .

بالمثل ، طبقا لنظرية هؤلاء الأصدقاء ، فالسبب رقم 2 لتلك الحملة ، هو صندوق التنمية الثقافية . هذا الذى أعطى مديره سمير غريب كتابنا ، بكرم بالغ منه ، وإن بالطبع فى حدود ما تسمح به سلطاته وميزانياته ، إعلانى الغلافين الداخليين . كنت ولا زلت أقول دائما إن سمير غريب شخص نادر الطراز من بين كل المسئولين الحكوميين أمثاله ، من حيث قدرة التمييز بين مستويات المحتوى المختلفة فيما يعرض عليه منها . وإنه كمدير لأغنى جهاز حكومى فى حقل الثقافة كان من قوة الشخصية والثقة بالنفس وعدم تهيب الصحافة أو التليڤزيون والاستهزاء بابتزازاتها ، بحيث يصد من الناس أضعاف من يفتح بابه لهم ، غير آبه لنفوذ هذا أو ذاك ، إلا قيمة المحتوى المطلوب تمويله . لكن هؤلاء الزملاء بحكم اطلاعهم ، نبهونى لأن الاقتراب منه كان قد أصبح هو الآخر طريقا مسدودا فى تلك الأيام فى وجه مشاهير النقد مشاهير الفتات ، بل وفى وجه العصابة الشاهينية عالية الصوت نفسها ، التى بدأت تجس نبضه بإرسال أحد مشروعات أفلامها الهابطة عبر راحل آخر هو سامح الباجورى ، كلها دون جدوى .

مشاهير الفتات هذه إضافة منى . ذلك أن تكلفة دليل الأفلام كانت 300 ألف جنيه زائد ، لا يغطيها إلا العشرات من الإعلانات تلك التى نلنا الحسد والنقمة بسببها . وذلك أنى كنت فى الواقع أريد مليون جنيه زائد ، من الشركات عينها لمواصلة المشروع ، بشرط واحد أن تكون كلها بالبنط العريض ’ فوق الترابيزة ‘ ، وليس تحتها نظير كتابة أشياء بعينها ، كما مع جميع الآخرين . للحق ، كانوا يحترمون هذا ، حتى وإن اضطروا لفعل عكسه أحيانا تحت ضغط الابتزاز . وكنت بالفعل على وشك إبرام الإمر وإصدار مجلة …إلخ ، لولا أن انهار الاقتصاد المصرى برمته ، كما تعلم وكما كتبنا فى حينه !

لا أعلم بالضبط إن كانوا لا يزالون على احترام هذا ، أم أن الصحافة التى تحارب الفساد وهى أم الفساد ، قد أفسدتهم بالكامل الآن . لكن باختصار أردت القول إن النقاد ممن نقول ويقول كل العالم إن تأثيرهم على جمهور السينما يساوى الصفر المطلق ، ليسوا معدومى النفوذ تماما فى مصر بالذات . على الأقل لن يكفوا عن التقرب من الشركات تلك التى يهاجمونها دائما أبدا ، وحتى لا يدافعون عنها عندما يستلمون ’ المعلوم ‘ . فقط يصمتون ، وهذا هو الفضل الأعظم !

باختصار ، أهل الفتات أهل الفهلوة ‑نقادا وغير نقاد بالطبع‑ يشعرونك بأن مصر مجرد صندوق قمامة ، ونحن الصراصير . نتقاتل جميعنا على فتات . الاستيحاء الأصلى من وودى أللين فى النائم ’ الدنيا صندوق قمامة ، لكنه كل ما نملك ‘ ، وللحق لا أذكر أنى كنت أضيف الصراصير ، إلى أن فوجئت بالدكتورة منار العزيزى فى محايل تقتبسها عنى هكذا وتضحك بعنف كلما تذكرتها وتتعجب كيف جاءنى هذا التصور ! اليوم ‏الاربعاء‏‏ ‏12‏‏ ‏مارس‏‏ ‏2003‏ ‏16‏:‏10‏ ‏ص‏ أضيف الفتات والكعكة بمناسبة إصرار زوجتى على معاودة الشغل فى مصر ربما كانت بلاد أخرى صناديق قمامة أيضا ، لكن على الأقل الكعكة أكبر بكثير فيها .

عزيزى القارئ ، يؤسفنى أن أكتب هكذا عن النقاد . لعلك تشهد أن قد مضت الآن نحو خمس سنوات لم أعلق فيها بكلمة واحدة على ما حدث من حملة استهدفت دليل الأفلام ، ولو كانت أو ظلت المشكلة شخصية لهان الأمر ، لكن لا يمكن القول إلا بأن فاض الكيل منهم ، تحديدا لأسباب أعمق وأشد عمومية . الأمر ليس حتى مجرد أنهم جميعا يمقتون السينما ، إنما أن جريمة التخريب فى حق البلد ولقمة العيش لأهله باتت أفدح من أن يُسكت عليها ، حتى لو كانت الكتابة لا تقدم ولا تؤخر ، أو لمجرد إثبات الموقف . وحتى وإن ظل هؤلاء النقاد جزءا تافها من كل أجسم ، هو جرائم الناصرية واليسار المتواصلة حتى اليوم ، تلك التى كلما رفعت شعار الوطنية ، لا نرث سوى الجوع والخراب . فقط ، أردت أن أضعك فى صورة كيف تسير الأمور ، ونحن على أية حال هنا فى الإنترنيت التى لا تزال حرة وصريحة لحد ما ، على الأقل انتظارا ليوم غزو جحافل الدهماء أولئك لها .

الواقع أنه بالحديث عن النقاد بهذه الطريقة ، نكون قد اقتربنا كثيرا من الإجابة عن سؤال زعيم المجول التراچيدى ، وأن تقريبا قد انتهت الحيرة والمتاهة . وما كتبه نادر عدلى اليوم ، حمل الإجابة تلقائيا وواضحة من الفقرة الأولى : عندما تريد محادثة السينما المصرية ، حادث نادر عدلى !

يظل الشىء الأسوأ أن ليس فى كل مرة يقول فيها أحد حادثنى أنا إن أردت أن تحادث السينما المصرية ، يكون بنفس حسن نية نادر عدلى . ونكرر دعاءنا للآلهة أن شفته من إدمان الكتابة فى البيزنس ، هذا الذى لن يؤدى فقط ’ لتطفيش ‘ إعلانات السينما مصرية وأجنبية من صفحته ومن ثم يغلقها كصفحة ( وهذا حق الشركات بل واجبها تجاه نفسها ، حيث لا جدوى اقتصادية من توجيه إعلاناتها لقارئ جريدة ربته على كراهية السينما ) ، بل ربما يؤدى هذه المرة ‑مع ما وصلنا له من مستويات الضعف والمهانة الحكومية الحالية أمام الصحافة‑ لإغلاق السينما المصرية برمتها للأبد .

على الأقل جدا ندعو أن يكون له كما كل الآخرين ، هدفا ذا معنى من وراء الكتابة البيزنسية الجاهلة : الاسترزاق ! اكتب رأيك هنا

[ تحديث : 13 ديسيمبر 2004 : العقلية التى يدار بها مهرجان القاهرة السينمائى أو وزارة الثقافة المصرية هل تصلح لمنافسة مهرجان دبى أو منافسة أى شىء ؟ اقرا صفحة المهرجان ذات التغطية الخاصة للملابسات الدرامية للمنافسة السافرة بين المهرجانات السينمائية العربية ] .

 

News Corporation Chairman and CEO Rupert Murdoch appears before the Senate Judiciary Antitrust, Competition Policy and Consumer Rights subcommittee, Capitol Hill, June 18, 2003.

A Beautiful Mind!

 26 يونيو 2003 : لم أتخيل أبدا أنى سأجد صعوبة يوما فى الكتابة عن قرار للجنة الاتصالات الفيدرالية الأميركية ، كما حدث معى هذه المرة فيما يخص قراراها فى قبل ثلاثة أسابيع أيضا 02CND-RULE.html بتوسيع حق الشركات فى تملك محطات البث التليڤزيونى والإذاعى وامتلاك الصحف فى المناطق المختلفة من الولايات المتحدة ( مثلا ملخص جميل فى لوحة http://graphics7.nytimes.com/images/2003/06/02/business/03CREATE.chart_rewrite.jpg يحق للشركة المفردة ( ويقصد بها بالطبع الشبكات الأربع الكبرى ) امتلاك محطات بث تصل إلى 45 0/0 من المشاهدين على المستوى القومى ، ويجوز تملك محطات راديو وصحف بجانب محطاتها التليڤزيونية إذا كان بالمنطقة تسع محطات ، ويجوز تملك عدد يصل لثمانية محطات راديو إذا كان بالمنطقة عددا كليا 45 أو أكثر …إلخ ) .

طوال فترة اشتغالى فى جريدة العالم اليوم فى النصف الأول للتسعينيات ، كانت متابعة أخبار هذه اللجنة جزءا من متعتى الخاصة ، لا سيما وأن تلك كانت أيام التوسع فى شبكات الكيبول وبدايات الستيلايت والهاتف الخليوى ، وكان يعنينى تماما أن أنقل للقارئ ورجل البيزنس العربى كيف يفكر الناس فى كيفية تشريع تلك الجبهة الجديدة التقنيات . تلك كانت أيام حكم الديموقراطيين ، والسياسات يسارية لحد ما ، لكن الثورة كانت مثيرة وإيجابية لأبعد الحدود ، ولم يكن هناك جدال كبير أن كل ما تفعله اللجنة يرسم المستقبل الحضارى للإعلام ، على نحو يثير إعجاب الجميع . الآن التقنية دخلت طور النضج ، واللجنة باتت ذات سياسات يمينية سافرة تدعم حرية الاقتصاد ، لكن التعقيد جاء من أن اتضح أن قراراها بات مرفوضا من اليمين واليسار معا ، وأن الكونجرس نفسه بات يفكر فى إصادر قانون يجهض مثل تلك الحرية .

لماذا التقى اليمين واليسار ضد قرار لجنة الاتصالات بتوسيع ملكية شركات الإعلام ؟ إنه ببساطة ذات الحلف العالمى الذى تشكل قبيل حرب العراق ما بين اليسار العلمانى والقوى الدينية ، الجديد فقط أن الحزب المشئوم لم يعد يضم فقط العلمانيين الإنسانيين زائد الأصولية الإسلامية ، بل اتسع ليضم الأصولية المسيحية أيضا . ليس فى الدنيا أحد أكثر سعادة منا بهذا .

إنه التطور المنطقى ، وإعادة تقسيم عالم اختلطت فيه الأوراق لقرون على أساس صحيح للمرة الأولى : التقدم ضد التخلف : ما بعد‑الإنسان ضد الإنسان : قوى اليمين المستنير التى تؤمن بالليبرالية الاقتصادية قدر إيمانها بالليبرالية الاجتماعية ، ضد القوى التى لا تؤمن بأيهما أو تؤمن بواحدة فقط . أتمنى على المؤرخين أن يحفظوا جيدا ما حدث هذا الأسبوع ، حتى وإن بدا ثانويا أو يختص بمشكلة صغيرة . ذلك لأنه مجرد نواة لكرة جليد كبيرة تتكون الآن ، وتداعياتها ستكون هائلة فى رسم الخريطة الأيديولوچية لعالم القرن الحادى والعشرين برمته !

لماذا التقى اليسار واليمين ( التقليدى المحافظ منه ) ، هو ما يستحق التحليل هنا . اليسار موقفه معروف هو ضد العملقة كعملقة ، بالذات لو كانت بأيديولوچية يمينية واضحة المعالم ، والطبيعى أن جعلوا من ريوپرت ميردوك هدفا لحملتهم السابقة 200305/29FCC.html على صدور القرار والداعية ’ لتأجيله ‘ ( ؟ ) ، ذلك أن كل اليسار قد جن جنونه من النجاح الساحق لفوكس نيوز فى الفترة الأخيرة ، والذى قزم من نفوذ منبرهم اليسارى الصارخ السى إن إن . لكن اليمين قصة أخرى . نكتب هذه الأيام فى صفحة الجنس عن زواج المثليين وسلسلة قرارات المحاكم التى تنصف هؤلاء . وملحوظتنا التى رأيناها أهم هى التبلور السريع لما يسمى يمينا ليبراليا ، يؤمن بالاقتصاد الحر وبالحريات الاجتماعية فى آن واحد . بالنسبة لتحرير الإعلام نجد حتى مؤسسة كالنيو يورك تايمز لا يمكن أن تحسب على اليمين تؤيد التعديل . لكن المعارضة اليمينية جاءت من اليمين الإقليمى وبدوافع تشبه ما نسميه نحن العرب بالغزو الثقافى . إنهم يرون فى الشبكات الكبرى غزوا ثقافيا ’ أميركيا ‘ مثلنا بالضبط لو جاز القول . يرون فيه قيما مدينية غازية تهدد سلامهم الاجتماعى وقيمهم الأخلاقية الثابتة [ لاحقا حكى ويلليام سافاير قصة عن الاحتجاج على بث عرض لبيت الأزياء النيو يوركى ڤيكتوريا سيكريت فى تلك المناطق الإقليمية . وبالمناسبة سافاير يمينى لكن ليس محافظا أخلاقيا ، وهو يرفض هذا التعديل لسبب آخر تماما وهو أنه سيضر بحملة إعادة انتخاب بوش ] .

چورچ بوش تبنى القرار فى حينه ، وبالأمس دافع مايكل پاول ( ابن كولين ) رئيس اللجنة ، عن القرار مستشهدا بكم المنافذ الإعلامية الهائل الذى استخدمه المعارضون لبث دعاياتهم وآرائهم . ويقصد أن لو كان الشاغل حقا هو التنو diversity فهناك الكيبول والساتيلايت والإنترنيت ، بينما القضية هنا اقتصادية محضة ، تخص شبكات تبث مواد هائلة الكلفة بالمجان ، ولا بد من البحث عن وسائل لرفع كفاءتها الاقتصادية طبقا لحقائق العملقة . 200307/24FCC : المشكلة ، كما هى دائما ، أن آخر شىء يفكر رموز الغثاء اليسار‑الدينى فى حلفهم الجديد هذا ، أو عندما كانا خصمين متضادين ، هو ماذا يريد الإنسان البسيط . كل ما يفكرون فيه هو فقط نفوذهم السياسى . الشبكات حذرت من أنها بدون الأرباح التى يمكن أن تجنيها من امتلاك محطات البث ، لن تستطيع بعد الآن منافسة التليڤزيون المدفوع ( الكيبول والساتيلايت ) ، ولن تستطيع مثلا بث الألعاب الأوليمپية أو مباريات الرياضات الأميركية الرئيسة على شاشاتها المجانية بعد اليوم . بل ربما يكون قرار هو نفخة الحياة الأخيرة لانقاذ يسمى منذ وقت طويل ’ الديناصورات التى تحتضر ‘ ، تلك المعروفة باسم التليڤزيون المجانى . ( انظر الدراسة الرئيسة لصفحة التقنية ، وستدهش كم كان مبكرا حقا من البعض التحذير من إفلاسها ) .

Federal Communications Commission (FCC) Chairman Michael Powell, seen during an interview with the Associated Press, Washington, May 27, 2003.

A Daring and Really Futuristic FCC Chairman!

كل ما قاله پاول صحيح لكن ما تجاهله هو أن المشكلة هذه المرة ليست فى التحريض اليسارى ، بقدر ما هى فى انقسام جبهة اليمين . لا نملك سوى تكرار ما نكتبه الآن فى صفحة الجنس المشار إليه ، وما نكتبه دوما فى صفحة الليبرالية ، من أن اليمين يمر الآن بمرحلة إعادة ميلاد ، عليه أن يخلص نفسه فيها مما لحق فيه فى العقود الأخيرة من شوائب خطاب دينى وأخلاقى لا يناسب بالمرة المدافعين عن الليبرالية الاقتصادية ، أو كما نقول اختصارا الليبرالية لا تتجزأ !

إذن مرة أخرى نحن أمام ذات الحلف الذى تشكل قبيل حرب العراق ما بين اليسار العلمانى والقوى الدينية ، الجديد فقط أن الحزب المشئوم لم يعد يضم فقط العلمانيين الإنسانيين زائد الأصولية الإسلامية ، بل اتسع ليضم الأصولية المسيحية أيضا . ليس فى الدنيا أحد أكثر سعادة منا بهذا . إنه ما ناضلنا من أجله فى كل هذا الموقع وبالأخص صفحة الليبرالية منه . إنه التطور المنطقى ، وإعادة تقسيم عالم اختلطت فيه الأوراق لقرون على أساس صحيح للمرة الأولى : التقدم ضد التخلف : ما بعد‑الإنسان ضد الإنسان : قوى اليمين كما يسمونه ، المستنيرة التى تؤمن بالليبرالية الاقتصادية قدر إيمانها بالليبرالية الاجتماعية ، ضد القوى التى لا تؤمن بأيهما أو تؤمن بواحدة فقط . أتمنى على المؤرخين أن يحفظوا جيدا ما حدث هذا الأسبوع ، حتى وإن بدا ثانويا أو يختص بمشكلة صغيرة . ذلك لأنه مجرد نواة لكرة جليد كبيرة تتكون الآن ، وتداعياتها ستكون هائلة فى رسم الخريطة الأيديولوچية لعالم القرن الحادى والعشرين برمته !

ملحوظة : الجدل على الضفة البريطانية 3 يونيو لا يزال مستعرا هو أيضا ، وربما نعود له لاحقا .

… اقرأ نص قرار لجنة الاتصالات الفيدرالية Federal Communications Commission .

… انظر صورة إعلان موڤ أون المعادى لميردوك .

… اكتب رأيك هنا

[ تحديث : 23 يوليو 2003 : اليوم أجاز المنزل بأغلبية هائلة ( 400 ضد 21 ) مشروع قانون يلغى أهم تعديل أقرته لجنة الاتصالات الفيدرالية وهو رفع نسبة تملك أية شركة منفردة لمحطات بث تغطى 45 0/0 من المشاهدين على المستوى القومى ، وإعادتها لمستواها السابق وهو 35 0/0  ، ومع التغاضى عن بقية التعديلات تفاديا لاحتمال قهر الڤيتو الرئاسى لمشروع القانون . مناورة سياسية يعنى !

حتى الآن المعركة لم تنته [ حتى بعد تعليق إحدى المحاكم لقرار اللجنة لاحقا ] . ولن تنتهى أبدا إلا بسقوط كل قوى التخلف التى تشدنا للوراء . البيت الأبيض وملوبو الشبكات يشتغلون الآن على إقناع المزيد من النواب والسيناتورات بحقائق الأمور ، وربما يصلون للنقطة التى يصبح فيها الڤيتو الرئاسى فعالا . وربما قد يصلون لحل وسط ( 40 0/0 مثلا ، وهو حل لم يطرحه أحد بعد ومن تخيلنا نحن ) . لكن الأهم من كل هذا وذاك ، هو كما قلنا أعلاه من أن الحرب اشتعلت على أسسها الصحيحة للمرة الأولى ، وسوف تظل مستعرة بين حزب الغثاء اليسارى‑الدينى فى كفة ، ضد حزب التقدم الدارونى الليبرالى فى كفة أخرى . ولو اعتمدنا على خبرة التاريخ الطبيعى ، فإن نتيجة مثل هذه الحرب معروفة سلفا ! ] .

[ تحديث : 16 سپتمبر 2003 : اليوم أجاز السينيت بأغلبية أصغر كثيرا ( 55 ضد 40 ) ذات المشروع . هكذا عادت الحياة بقوة لمشروع الڤيتو الرئاسى ، كما قال بثقة كبيرة سكوت ماككيللان الناطق باسم الرئيس بوش . لا تزال أفضل الكلمات ما جاء على لسان پاول أمس : bill would create a legal morass that will unsettle media regulation for years to come . بالفعل ، فى النهاية لن يصح إلا الصحيح . والقوى الماضوية قد تؤخر المستقبل قليلا ، لكنها أبدا لا تستطيع إلغاءه ] .

 

MBC 2

‘The World’s First Non-Stop, Free to Air Movie Channel!’

 1 يوليو 2005 : [ هذا المدخل كان فى الأصل فى الصفحة الأمامية لقسم التليڤزيون قبل إغلاقه . القسم ككل موجود حاليا بأرشيڤ الموقع هنا ] العرب تركوا ’ العربية ‘ و’ الجعيرة ‘ وكل ما يمت للعراق وغزة بصلة ، وتركوا حتى قنوات الموسيقى العربية المثيرة جنسيا ، والآن ‑أى طيلة الستة شهور الأخيرة فالآن وصاعدا‑ تدخل أى بيت لتجد شاشته مثبته على إحدى قناتين لا ثالث لهما ، لا يحولونها أبدا ، لو حتى للقناة الأخرى هذه . اختيار هذه القناة أو تلك من الاثنتين يعتمد على نوع الثقافة السائد فى ذلك البيت . المثير أن كلتيهما قناة للأفلام ، وكلتاهما مجانية ، وهذا بيت القصيد ، الأشبه بقلب المائدة وتغيير كل قواعد اللعبة فى دنيا الساتيللايت العربية . الوضع أحد أمرين : أولا ذوى الثقافة الغربية لا يحولون شاشتهم عن ’ إم بى سى 2 ‘ التى تضارع أفضل قنوات الأفلام العالمية . وثانيا ذوى الثقافة المحلية لا يغيرون عن ’ روتانا سينما ‘ ، ذات الأفلام المصرية دونما توقف ، فى نسخ باهرة الجودة لم تسبق أن رأتها العين ، ولا سمعتها الأذن ، حتى على شاشة السينما نفسها ، ودون مبالغة ( ناهيك طبعا فى كلا القناتين إن كان لديك شاشة حائطية كبيرة ونظام صوت متقدم ) . أعرف أناسا اشتروا أجهزة جديدة أو استروا أجهزة لأول مرة من أجل إحدى هاتين القناتين فقط ، وأعرف أناسا لم يكونوا يبقون بالبيت أبدا ، غيروا أسلوب حياتهم لنفس أحد هذين السببين بالضبط .

ربما وفرت بعض البيوت عناء الجدل من خلال الاشتراك مثلا فى مجموعة قنوات الإيه آر تى أو الأوربيت مثلا ، لأنها تتطلب فقط اشتراكا شهريا ، وتعفيهم من عبء تركيب نظام باهظ نسبيا فى البداية يكلف من 300 إلى 600 دولار بأسعار المكونات الرديئة للنظم غير المتاح سواها محليا . أما من يشترون نظم الاستقبال الجامعة universal بطبق متحرك … إلخ ، فإن أقصى جدل يمكن تصوره فى العادة هو وجود صراع للأجيال بين جيل قديم يريد روتانا سينما بوفرة الأفلام المصرية القديمة فيها ( أو لو كان أشد إدمانا للسينما المصرية وأضاف اشتراكا فى الإيه آر تى أو أوربيت أو غيرهما ) ، وجيل جديد يبحث عن الأفلام الأميركية قديمها وجديدها على شاشة الـ 2 ، كما تكتب على زاوية الشاشة ، وهو فى الواقع اسمها القديم منذ دشنت فى أواخر 2002 وكانت بعد للمواد السينمائية والتليڤزيونية معا ، لكنه تغير فى ديسيمبر الماضى 2004 إلى MBC 2 ، حيث صارت قناة للأفلام فقط ( الأفلام الأميركية أو رسميا الأفلام الناطقة بالإنجليزية مع ترجمة مطبوعة على الشاشة ) ، أو صارت كما يقول شعارها  The World's First Non-Stop, Free to Air Movie Channel . وفى نفس الوقت دشنت قناة جديدة هى MBC 4 كقناة متخصصة فى بث مواد التليڤزيون فقط ، وتحديدا الأميركى منها ، لا سيما مواد شبكاته المجانية الرئيسة العريقة المعروفة .

ولم لا يفعل الناس ذلك ، وهم يرون استعراض العضلات من الـ MBC 2 لا أقول منذ افتتاحها قبل عامين ونصف ( حيث كنت ذروتها السنوية الإنفراد عالميا ببث الأوسكار لكل العالم على الساتيللايت مجانا ، وكان شيئا قد سبقتها إليه بعام آخر فيما أذكر الإم بى سى الأصلية ، مما يجعلها الآن أربعة أعوام متوالية ) ، إنما أقصد على الأقل نصف العام الأخير فقط منذ تخصيصها للأفلام وحدها . طبعا من الاتصالات الشخصية الكل يقول هذا لكن إليك هذا البحث عما حدث مطلع سنة 2005 فى الساتيللايت العربى . للمزيد عن المراجع عن تاريخ الساتيللايت العربى انظر النصوص الخفية بمقال الأخ الكبير فى حضارة 3 فى هذه الشهور الستة ارتفعت مستويات المحتوى بدرجة تكاد تكون مذهلة . فى هذه الشهور القليلة الأخيرة عرضت معظم قائمة معهد الفيلم الأميركى لأفضل 100 فيلم فى تاريخ السينما ، ومعظم الأفلام الفائزة بأوسكار أحسن فيلم ، كلها بخلاف حفنة من أحدث الأفلام الضخمة ، بعضها يرجع تاريخ الإفراج السينمائى له لعام واحد سبق فقط . المنافسة الرئيسة ، وربما لم تثبت بعد مدى جديتها هى قناة دبى الجديدة One . هى نسخة من MBC 2 فى سنتيها الأوليين ، خليط من الأفلام والمواد التليڤزيونية الأميركية ، أى أن لا تزال أمامها برهة من الزمن قبل أن تتخصص إلى قناتين مثلها وتصبح ندا للمقارنة . فى كل الأحوال One اسم يدعو للمقارنة بـ 2 ، التى كانت اسم الإم بى سى 2 حتى ديسيمبر الماضى 2004 . يريدون أن يقولوا أنهم أكثر تفوقا منها ، ولو كانوا أكثر تفوقا فعلا لما لجأوا لمثل هذه المقارنة أبدا . مع ذلك نحن لا نصادر عليها ، ونعلم أن مواردها لا بأس بها ومن المفترض أن نرى شيئا ما من هذا على الشاشة . فقط لننتظر لنرى .

عربيا ، لا شىء يقارن بمجموعة إم بى سى ، التى نحب عادة مقارنة دورها فى المحيط الناطق بالعربية ، بالدور التنويرى الثورى للسينما المصرية ‑أو للتجربة الليبرالية المصرية ككل‑ فى عصرهما الذهبى جميعا . فمنذ انحسار التجربة الليبرالية المصرية التدريجى بعد هوجة 1919 الغوغائية الرجعية المدمرة لم نر فعلا تنويريا واسع الأثر عربيا قدر قنوات إم بى سى ، والتى حتى تتحسن أكثر وأكثر يوما بعد يوم ، بل وتقترب بتسارع من تبنى رؤية علمانية واضحة المعالم . تابع مثلا برنامج ’ إضاءات ‘ على شاشة العربية ، ونحن هنا نتحدث عن برنامج واحد فقط من مجموع برامج 5 قنوات ، واسأل نفسك هذا السؤال : كم عقدا احتاجت مصر فى ذروة نهضتها الليبرالية لتقديم كتاب علمانى أو شبه علمانى لقاسم أمين أو طه حسين أو سلامة موسى أو على عبد الرازق ، بينما تركى الدخيل مقدم هذا البرنامج يقدم لنا شيئا من نفس ذات الوزن مرة كل أسبوع ، ناهيك عن أنه يصل لعدد أكثر من عشرة آلاف ضعف ممن كانت تصل لهم تلك الكتب ؟

سينمائيا ، وحتى إشعار آخر ، تظل MBC 2 هى المهرجان السينمائى الأكبر لجمهور الترفيه الغربى المجانى عندنا ، نحن لا نتحدث عن هنا عن الموڤى تشانيل مثلا ، حيث لا سقف لجرأة المحتوى ولا سقف لسرعة توقيتات العرض ولا سقف لشىء تقريبا ، إنما نتحدث عن قنوات ’ مجانية ‘ لكل قطاعات الجمهور الناطق بالعربية . تظل ‑أى الـ MBC 2‑ هى النافذة الأكبر التى فتح عليها عقلنا العربى الراكد العطن من حيث لا يحتسب ، تقدم له 24 ساعة من المتعة ، بالإضافة ‑ولعلك أو لعل التاريخ ، قد يراه الأهم‑ هى ثورة تنويرية بكامل معنى الكلمة ، تقدم على مدار الساعة وبجرأة محسودة ، احتفالا لا يهدأ ولا يتوقف بالحرية والجمال والجنس والخمر وبالاستهزاء بالدين ، أو إجمالا تقدم كل ما يمت لحب الحياة وثقافة الحياة بصلة .

من حيث خيارات الأفلام ، هى تكاد تباريها فقط إن نحينا فارق الكم . أيضا اسم القناة نفسه غير مريح . والحذوفات بالجملة أقلها الحذف الصوتى شديد الإزعاج شديد التكرار لكلمات السباب ، وإن كنت لا أذهب للقول بأنها تؤثر تأثيرا رجعيا على الثقافة العربية . بالعكس فرغم الحذوفات والتشوية تظل إضافة إيجابية لتنوير وتفتيح العقل العربى ، حتى وإن كان الفارق شاسعا لدى المقارنة بين One هذه ، بمجموعة إم بى سى .

بالأحرى ، عربيا ، لا شىء يقارن بمجموعة إم بى سى ، التى نحب عادة مقارنة دورها فى المحيط الناطق بالعربية ، بالدور التنويرى الثورى للسينما المصرية ‑أو للتجربة الليبرالية المصرية ككل‑ فى عصرهما الذهبى جميعا . فمنذ انحسار التجربة الليبرالية المصرية التدريجى بعد هوجة 1919 الغوغائية الرجعية المدمرة لم نر فعلا تنويريا واسع الأثر عربيا قدر قنوات إم بى سى ، والتى حتى تتحسن أكثر وأكثر يوما بعد يوم ، بل وتقترب بتسارع من تبنى رؤية علمانية واضحة المعالم . تابع مثلا برنامج ’ إضاءات ‘ على شاشة العربية ، ونحن هنا نتحدث عن برنامج واحد فقط من مجموع برامج 5 قنوات ، واسأل نفسك هذا السؤال : كم عقدا احتاجت مصر فى ذروة نهضتها الليبرالية لتقديم كتاب علمانى أو شبه علمانى لقاسم أمين أو طه حسين أو سلامة موسى أو على عبد الرازق ، بينما تركى الدخيل مقدم هذا البرنامج يقدم لنا شيئا من نفس ذات الوزن مرة كل أسبوع ، ناهيك عن أنه يصل لعدد أكثر من عشرة آلاف ضعف ممن كانت تصل لهم تلك الكتب ؟

سينمائيا ، وحتى إشعار آخر ، تظل MBC 2 هى المهرجان السينمائى الأكبر لجمهور الترفيه الغربى المجانى عندنا ، نحن لا نتحدث عن هنا عن الموڤى تشانيل مثلا ، حيث لا سقف لجرأة المحتوى ولا سقف لسرعة توقيتات العرض ولا سقف لشىء تقريبا ، إنما نتحدث عن قنوات ’ مجانية ‘ لكل قطاعات الجمهور الناطق بالعربية . تظل ‑أى الـ MBC 2‑ هى النافذة الأكبر التى فتح عليها عقلنا العربى الراكد العطن من حيث لا يحتسب ، تقدم له 24 ساعة من المتعة ، بالإضافة ‑ولعلك أو لعل التاريخ ، قد يراه الأهم‑ هى ثورة تنويرية بكامل معنى الكلمة ، تقدم على مدار الساعة وبجرأة محسودة ، احتفالا لا يهدأ ولا يتوقف بالحرية والجمال والجنس والخمر وبالاستهزاء بالدين ، أو إجمالا تقدم كل ما يمت لحب الحياة وثقافة الحياة بصلة .

فى الضفة الأخرى ، روتانا سينما تقلب أيضا كل الموازين ، أيضا ’ أول قناة للأفلام المصرية فى العالم مجانية للهواء وبلا توقف ‘ إن شئنا استعارة شعار الـ 2 ، وأيضا ساعة الصفر كانت بالمثل ديسيمبر 2004 أو رسميا الأول من يناير 2005 ( وهو تاريخ يكاد يشبه ديسيمبر 2002 / يناير 2003 رأس السنة الآخر الذى انظر هنا شهد موجة كبيرة لميلاد الكثير من القنوات العربية كالقنوات الموسيقية وإم بى سى 2 والعربية …إلخ ) . هذا الموقع يحدد السبت أول يناير 2005 كانت الإيه آر تى ، قد بدأت تحقق بعض الجماهيرية ، لا سيما فى أوساط الطبقات المتواضعة ، لثلاثة أسباب على الأقل ، الأول ذكرناه وهو أنها تعفى الناس من قيمة شراء نظام باهظ الثمن ، والثانى أنها نافذة حصرية لبعض المواد الرياضية وهذا يؤدى ليس لشراء العبوة للمنازل فقط بل من خلال تعاقدات واسعة مع النوادى والمقاهى لبثها لروادها ، السبب الثالث ‑والأهم فى رأيى‑ هو أنها كانت العبوة package الوحيدة الناطقة كل قنواتها بالعربية . وغالبية ساحقة من الجمهور غير مستعدة للدفع للأوربيت أو للشوتايم ، أو حتى لأقدم الجميع فى مصر وتحديدا منذ 10 يناير 1991 هنا CNE ، حيث كثير من القنوات فى كل هذه العبوات غير عربية ولا جدوى منها بالنسبة لهم . روتانا هى عبوة كبيرة من القنوات السينمائية والموسيقية والمنوعات ( بدأت هنا فى أول يوليو 2003 كقناة موسيقية فقط ، ثم تعددت موسيقيا والآن تتجه للأفلام من خلال مكتبتها الضخمة من أصول الأفلام المصرية المرممة ) . وهى على العكس من الجميع عبوة مجانية .

للمزيد انظر متابعتنا لبدايات القنوات الموسيقية العربية هنا ، ولبداية قناة العربية أو حول القنوات الإخبارية العربية عموما انظر هنا . كذلك ثمة مناقشة سابقة أخرى من جانبنا لمجموعة قنوات إم بى سى ودورها التنويرى الكبير بمناسبة واقعة إلغاء برنامج الرئيس هنا ، وأيضا ستجد بها لمحة تاريخية عن مجموعة هذه القنوات . [ وكذا ستجد فى صفحة الحضارة بمناسبة أزمة الرسوم الدنمركية ، تنويها بأزياء الرأس النسائية الذى روجت له هذه القنوات . ثم بالأسفل هنا متابعة جديدة فى أپريل 2006 بمناسبة برنامج ’ المستثمر ‘ ] .

عامة نحن كنا من رواد تغطية أخبار الساتيللايت العربى فى سنواته الجنينية جدا فى مطلع التسعينيات ، ذلك على صفحات جريدة العالم اليوم الاقتصادية اليومية ، ويمكنك بالطبع الرجوع إليها لو شئت . على أنه توجد حاليا مجلات أكثر تخصصا بكثير فى شأن الساتيللايت العربى تصدر فى الغرب ، وتحوى بحوثا معمقة كثيرا ، ندعوك لإلقاء لمحة على واحدة من أبرزها هى TBS أو Transnational Broadcasting Studies . على الأقل إليك منها هذا البحث الكلاسى الموسع الرائد الذى افتتحت عددها الأول به فى خريف 1998 ، أو هذا البحث من آخر أعداها ربيع 2005 ويتناول مستجدات قنوات الأفلام العربية كما نفعل هنا ، وإن اقتصر على ما يقدم منها موادا ناطقا بالإنجليزية فقط . لدى تعليق واحد استوقفنى فى هذه الدراسة أن الكاتب چو خليل استنكف عن تبنى مقولة الإم بى سى 2 إنها أول قناة مجانية للأفلام على مدار الساعة على الساتيللايت . نعم هى كذلك ، وبكل الجزم . حتى بثها لحفلات الأوسكار لمعظم الدنيا ‑أوروپا والشرق الأوسط ومعظم أفريقيا وآسيا ، بالمجان على الهواء فى نفس وقته الواقعى كان شيئا خارج نطاق الأحلام نفسها . الكاتب ربما ليس متخصصا جدا فى السينما ، ولا يعرف ربما أن حفل الأوسكار يفترض أن يدر خلال ساعاته الثلاث إيرادا قدره 150 مليون دولارا زائد ، فكيف يبث هكذا لكل الدنيا ببساطة مجانا وحتى بدون ترجمة تشوهه ( هذا العام بثوه متأخرا 12 ساعة ، ولا غرابة ! ) ، أو لا يعرف ربما أن الفيلم الأميركى يتكلف مليون دولارا فأكثر للدقيقة ، فكيف يمكن تخيل قناة للأفلام تعتمد على الإعلانات وحدها ، حتى لو فى عالمنا العربى النهم للمشاهدة وأحيانا الثرى بما يكفى لتشجيع أصحاب الإعلانات . صحيح أن بعض الأفلام قديم ، وإن كانت هى الأعظم ، وصحيح أن بعض الأفلام صغير ، وهذا طبيعى فى كل الصفقات ، وصحيح أن عقد الصفقات لقناتين تبثان السينما والتليڤزيون معا هو أكثر إغراء لشركات التوزيع الأميركية الكبيرة من بيع الأفلام وحدها ، لكن مع ذلك لا مفر من القول إن الحقيقة أن ما تفعله الإم بى سى 2 هو بكل المقاييس مغامرة تاريخية كبيرة غير مسبوقة فى كل تاريخ التليڤزيون ، أكاد أذهب للقول أن ليس بوسع أحد الجزم بأن نجاحها سيكون أكيدا قبل مرور عدة سنوات .

أفلام ! أفلام ! أفلام ! هل التليڤزيون خلق من أجل بث الأفلام ؟ سؤال يزعجنا كثيرا ، ويناقض الكثير مما عرفناه وطالما كتبناه عن نظرية التليڤزيون ، إن جاز وجود شىء بهذا الاسم . وهو أن الناس تبحث مع التليڤزيون عن التعايش لا عن عن الدراما والإثارة . لطالما صممت المسلسلات لتكون بطيئة ومملة ، تكرر فى كل حلقة ما قالته فى الحلقة السابقة . ليس توفيرا للنقود ، إنما لأن هذا هو المطلوب . يبدو أن الدنيا تغيرت ، أو على الأقل تتغير ولو ببطء . منذ ’ دالاس ‘ 1978 ، بدأت الدراما المثيرة تشق طريقها للشاشة الصغيرة . والآن بدأت تسود الدراما القصوى الأشد كثافة إطلاقا ، دراما الأفلام . على ذكر النقود ، لا أحد يمكنه مقارنة ساعة التليڤزيون التى تكلف مليونا من الدولارات على أكثر تقدير ، بدقيقة السينما التى تكلف ذات المبلغ على الأقل . المؤكد أنك ترى شيئا بالغ الاختلاف على الشاشة أمامك . ثم أن لا مفر من الإقرار بأن الناس نفسها تتغير ، وتعاقب الأجيال أتانا بجيل ملول ، يختلف عن آبائه الذى كانوا ينظرون لفرجة التليڤزيون على أنها نوع من الاسترخاء بعد يوم طويل من عناء الشغل . ذلك الجيل لديه من الأعصاب ما يكفى لتحمل الإثارة والعنف لمعظم اليوم دون شكوى أو حتى بحث عن متنفس آخر !

وتبقى كلمة عن الـ MBC 4 ، أى عن المواد التليڤزيونية الأميركية . هنا يجدر القول إن الأفلام كانت تصلنا بطريقة أو بأخرى ، أيضا ولحد ما الدراما التليڤزيونية كانت تصلنا أيضا . لكن المواد الأخرى للشبكات الأربع ، والتى نقرأ ونسمع طوال الوقت أخبارا عن موادها التى ترج الحياة الثقافية والاجتماعية والسياسية لأميركا ، كالبرامج الإخبارية والبرامج الحوارية وبرامج الترفيه والمسابقات … إلخ ، كانت هى الشىء الضنين الحق بالنسبة لنا والذى لا نراه أبدا تقريبا . ومن خلال MBC 4 ( وبالطبع جزئيا من خلال One ) ، أصبحنا نشاهد كل تلك البرامج ، وكذا نتابع المسلسلات الكبرى تقريبا كما يتابعها الأميركيون ، أو باختصار أصبح بإمكاننا لأول مرة القول بأننا بتنا نعيش مع بقية العالم !

ننهى كلامنا اليوم ( 1 يوليو 2005 ) ، عن التليڤزيون بتدشين أكبر مفاجأة للموقع منذ افتتاح قسم المهرجانات ، ألا وهى افتتاح قسم جديد للتليڤزيون EveryScreen.com/tv ، الغرض الأساسى منه تقديم مرجعات يومية مسبقة لما سوف يعرض فى قنوات الأفلام الرئيسة ، لا سيما ما ذكر منها للتو ، أى الموجة للمشاهد الناطق بالعربية . تلك المراجعات ستكون امتدادا للمواصفات الرفيعة التى اتبعت فى كتاب دليل الأفلام ، سواء من حيث نوعية البيانات ، أو الرؤية وراء المراجعة النقدية نفسها ، هذه وتلك التى تعودها قارئ الكتاب ( ومن ثم قارئ الموقع ) ونالت تقديره . اعتبارا من أول يوليو ستبدأ المرحلة التجريبية ، نأمل أن فى نهايتها التى نتوقع لها نهاية يوليو هذا ، أن سنكون قد وضعنا خلالها التصور الدائم لصفحات القسم ، وتلقينا بعض آرائكم فيها . الأرجح أننا فى الفترة الانتقالية لن تستطيع تغطية كل الأفلام المعلن عنها ، فلا نخفى عن القارئ سرا ، أن العودة لتقديم مراجعات سينمائية بهذا الكم والتعاقب ، شىء تخلينا عنه بدرجة كبيرة منذ سنوات ، وتحديدا منذ إصدار الدليل المذكور ( المزيد من التفاصيل ذكرناها من قبل هنا ) ، وإعادة فتح تلك الملفات ، وإعادة كتابة بعض قطع البرمجة التى تقادمت وتجاوزتها البرامج الحالية ، ناهيك عن كتابة الجديد المطلوب لأفلام لم نكن قد كتبناها من قبل ، هو مهمة جسيمة تكاد تشبه إخراج سيارة علاها الصدا من سنوات من جراچها وإعادة تأهيلها للشغل . وحتى اللحظة بدأت بعض الأجزاء فى الحركة ، إلا أننا لسنا بعد واثقين جدا أنها ستنطلق بالسرعة والقدرة التى نرجوها لنا والتى يتوقعها القارئ من مصدر يفترض أن يكون معتمدا لديه سواء قبل مشاهدة أفلام تلك القنوات أو بعده . لقد كان كتاب دليل الأفلام آلة عملاقة تدور بطاقات هائلة ، حتى وصل للصورة التى وجدها القارئ بين يديه ، لكن على أية حال نأمل بانتهاء فترة الشهر التجريبية تلك  ، أن تكتسب الآلة من جديد قوة دفعها القصوى القديمة من جديد ، وأن نسابق بالفعل تلك القنوات فى تقديم مراجعة فورية لكل ما تعلن عنه من أفلام تنوى تقديمها . اكتب رأيك هنا

 

Rotana TV logo

Green!

 6 يوليو 2005 : صدر اليوم العدد الأول من مجلة روتانا ، فى حد ذاته لا يستحق وقفة ، لذا الحاجة فى الواقع هى لوقفة لبعض التقييم لحزمة القنوات ككل ، وللأسلوب المتبع فى هذه الشركة . أنت تسعد لكل إضافة جديدة من شركة مملوكة للأمير الوليد بن طلال . تعلم أن شيئا به الحد الأدنى من الاستنارة فى الطريق إليك . لكن دائما ما ينتابك شعور بأن ثمة شىء ناقص أو لم يتم تنعيمه للحد الأقصى الممكن .

سأبدا لك من النهاية ( م الآخر كما يقول المصريون ) ، لماذا كل شىء متقن لأبعد مدى ممكن فى قنوات كـ MBC مثلا ، وليس كذلك فى الحزم التى تبث موادا عربية . الإجابة هى أن تلك تدار بواسطة أجانب ‑تقرأ محترفين‑ وهذه تدار بواسطة عرب ‑تقرأ فهلوية .

شهرة الوليد بن طلال التاريخية أنه استثمر فى الغرب أموالا بدأت من الصفر تقريبا ، حتى بنى إمپراطورية جعلته واحدا من أغنى خمسة أشخاص فى العالم . فى هذه المسيرة اعتمد على خبرات شديدة التخصص فى حقل الاستثمار أى بناء محافظ أوراق مالية وفى حقل الصيرفة …إلخ . كلمة خبرات شديدة التخصص فى هذه الحقول كلمة تعنى شيئا واحدا ومحددا ، اليهود ، ذلك بدءا من ريوپرت ميردوك ، حتى أصغر مدير فى السيتى بانك . وفعلا سارت الأمور مع الأمير الشاب من أفضل لأفضل طوال الوقت . من هنا لم يكن مستغربا حين احتاج ميردوك لأناس يضخون أموالا فى شركاته دون أن يمسوا سلطته المطلقة عليها ، الشىء العزيز جدا عليه هو بالذات ، أن كان الوليد بن طلال الوحيد من مثل هذا الحجم الذين تقدموا لهذا ، وكانت صفقة رابحة للطرفين : ميردوك صاحب رؤى مستقبلية سباقة ، أقلها أن كان أول ‑وربما آخر‑ من أطلق عليه لقب طاغية فى دنيا تليڤزيون الساتيللايت ، والوليد بن طلال ليس فقط يجنى أرباحا مضمونة ، بل شريك وصديق لواحدة من أكبر وأهم مؤسسات الترفيه على وجه الأرض ، بما يفتح آفاقا غير محدودة للأفكار والطموحات .

لا أريد الخوض من جديد هنا فيما أحاط بالسيتى بانك من شبهات فساد وإفساد فى قضية الوورلد كوم وغيرها . ارجع للملف الضخم أما المصدر المباشر الوجيز الممتاز فهو برنامج مترجم متعدد الحلقات أذاعته قناة العربية عدة مرات فى يوليو وأغسطس 2005 عنوانه فساد فى وول سترييت بديهى أنه بالطبع ليس من نوع الفساد والإفساد الذى نعرفه فى العالم الثالث وأوروپا أى رشوة المسئولين الحكوميين ، بل هو فقط نوع من الخداع الداخلى لقابضى الأسهم ، وربما ما يفصله عن الدعاية العادية والمشروعة هو خط مضبب للغاية أحيانا ، ثم أن معظم من اتهموا به خرجوا براءة لدى مقاضاتهم جنائيا ، وعوقبوا مدنيا بالغرامات فقط ، وهذه من شيم الاقتصادات التنافسية المتقدمة ، لا دخل للقانون أو المحاكم الجنائية بشئون السوق الحرة . لكن المهم كما قلنا إن هذا الفساد ( أيا كانت تسميته أو هويته أو موقفه القانونى ) هو سلوك اقتصادى سيئ ، وكان قمة جبل الثلج لا أكثر من ظاهرة الفساد الشامل العامة والأصيلة لحقبة بيلل كلينتون الاشتراكية ، تماما كما أن الفساد هو خصيصة أصيلة لأية اشتراكية أخرى فى التاريخ . ذلك كان ما يسمى تحديدا بمصطلحات وول سترييت سوق الثور أى السوق الهائجة ، أو سمى فى هذه الحالة بالذات ازدهارة الإنترنيت . حيث الواقع أن اليساريين دائما أبدا ، وبخلاف جباية الضرائب طبعا ، لا يجيدون أى شىء سوى الدعاية وبيع الكلام وتفجير أسعار الأسهم وهما إلى السماء ، وآخر ما يمكن أن يخطر ببالهم البناء الدءوب الجاد لاقتصاد حقيقى راسخ القواعد قوى البنى التحتية .

فقط نضيف اليوم ‑وبوحى طارئ جاءنا من خلال الكتابة على الأمير الوليد بن طلال ، أن ثمة رابطة ما بين إفلاس وورلد كوم وإنرون وبين الشريعة الإسلامية . لا أقول إن الوليد بن طلال فعل هذا بحسن نية أو بسوء ، فعله بعلم أو بدون علم ، فعله أصلا أو لم يفعله . لا أعلم شيئا ولا أريد أن ألمح لشىء . فقط أود مناقشة المفاهيم نفسها . ما حدث وكان وراء الكارثتين ، هو ذلك التضبيب المستحدث للحدود التاريخية الصارمة التى تفصل فى الاقتصادات الرأسمالية بين الصيرفة التجارية والصيرفة الاستثمارية . وكانت ستيى كورپ أول مؤسسة يسمح لها بامتلاك بنوك تجارية وبنوك استثمارية ومن ثم مؤسسات استشارية كلها فى نفس الوقت . هذا كان قرارا كبيرا وتاريخيا ولم يتم فى خلسة من الزمن ، إنما أيده آلان جريينسپان نفسه مثلا . لكنه فى الحقيقة كان قرارا خاطئا ، وبعد أن وقعت الواقعة تم إرجاع القانون لأصله . صحيح هو قرار اتخذ من منطلق توسيع حدود حرية الاقتصاد ، لكن أحدا لم يتنبه أنه قد يكون بوابة لسلب حرية أخرى ، هى حرية مساهمى الشركات فى الإطلاع على المعلومة من طرف ليس ذى مصلحة ، فكانت المؤسسة ككل تمول الشركة بالقروض البنكية ، وفى نفس الوقت تدفع الناس لشراء أسهمها بناء على تقييمات من ذراعها الاستثمارى ، بينما الحقيقة أنها كانت أقل من ثمنها الحقيقى . ثم اتضح أنه لا يقل خطرا من أن تلغى مثلا الاستقلالية الصارمة لشركات التدقيق المالى وتترك كل شركة صناعية تنشئ شركتها الخاصة .

لا يوجد اقتصاد يزيل الحدود بين الصيرفة والاستثمار قدر ما يسمى بالاقتصاد الإسلامى . لو كان للوليد بن طلال دخل فيما جرى فلأن الرجل جاء من بيئة ترى هذا الخلط شيئا عاديا . بل بالأحرى الاقتصاد الاسلامى لا يعترف أصلا بالصيرفة التجارية ، ويسميها ربا ، ويجعل كل الصيرفة صيرفة استثمارية : المقرض يشارك البنك فى نسبة ربحه ، والبنك يشارك المقترض فى نسبة ربحة ، ولا شىء آخر .

 ( هذا المدخل كان قد استطرد هنا فى الحديث عن الاقتصاد الإسلامى باعتباره اقتصادا ’ قذرا ‘ ، وهى مصطلح علمى وليست شتيمة ، لكننا لاحقا رأينا تجميع كل المداخل التى تحدثت عن الاقتصاد الإسلامى ، وضمها فى مدخل واحد فى صفحة السياسة ، فإلى هناك ) .

حين يقرر الوليد إنشاء شركات عربية ، يختلف الأمر كثيرا . مبئيا لنقرر أن موهبته الأصلية والتى للدنيا أتت بنتائج باهرة هى كمستثمر وليس كرجل بيزنس ( هو وارين بافيت آخر وليس بيلل جيتس آخر ) . شراء وبيع أسهم الشركات شىء ، وإدارة هذه الشركات نفسها على نحو ممل وشديد التدقيق والتخصص ، شىء آخر . على الأقل أبسط سؤال عليه مواجهته ، ولا يشغل المستثمرون أنفسهم بمثله كثيرا هو : بأى مديرين يأتى ؟ الإجابة فى عالمنا العربى : لا يوجد أحد . قيل إن هالة سرحان ستكون المسئولة عن روتانا سينما ، ومن حضروا الحفل الرسمى لافتتاح القناة بالقاهرة لاحظوا أنها لا تعرف من أمر القناة شيئا تجيب به على الصحفيين ، أو اتضح فيما بعد أن إجاباتها التى اندفعت إليها كطبيعة شخصيتها ، كانت هوجاء وخاطئة . وطبعا بعد قليل فهمنا لماذا أتوا بها للقناة ، وسجلها فى إنشاء وإدارة قنوات التليڤزيون أقل ما يوصف به هو أنه أخرق ، ذلك حين انحصر دورها فى تقديم برنامج اسمه السينما والصيف تستظرف فيه مع الضيوف ، ولا بأس طبعا فالناس تحب هذا وهى من ناحيتها تجيده وتبدو مقنعة فيه .

أمثال هالة سرحان لا نهاية لهم ، آخرهم رؤساء مجالس المؤسسات الصحفية الجدد فى مصر ، كلهم صحفيون ملأ الشيب شعرهم ، بينما متطلبات الوظيفة شاب لامع تخصصه إدارة البيزنس ، لا يشترط فيه حتى أن يكون قد اشترى صحيفة واحدة فى حياته . وليس آخر النماذج إسعاد يونس . ممثلة لذيذة ومحببة نعم ، لكن مديرة ومنتجة سينمائية سامحنى ، والنتيجة إفلاس تام لشركة تخيل الجميع ( إلا نحن ، اقرأ كلامنا القديم هنا ) ، أنها ستحتكر الأرض ومن عليها ، ولم ير موقعنا فى حينه من مستقبل لها سوى الإفلاس السريع المطلق [ بعد قليل من كتابة هذا تواترت الأنباء عن دخولها غرفة العناية المركزة بسبب الفشل الذريع لأفلام الصيف للشركة ، وحين نتحقق من هذا قد نعود له لاحقا ] .

مكتبة روتانا السينمائية ليست بقوة مكتبة الإيه آر تى التى سبقتها لهذا البيزنس . لكن لا بد من ملاحظة أن روتانا سينما ليست بدرجة الإنغلاق والتزمت المعروفين عن الإيه آر تى ( ذات الشركة تملك قناة إقرأ المتخصصة باسم الإسلام المعتدل فى وضع مشاريع الإرهابيين على الخطوة الأولى من الطريق ) ، وتبدو خياراتها ‑نقصد روتانا‑ فى الأفلام أو فى عرضها كاملة ، أو حتى فى توقيتات عرضها الجريئة ، شيئا يستحق الاحترام والتنويه والإعجاب . لكن أية نظرة عابرة للقناة ‑وذات الحال مع سائر قنوات روتانا‑ تقنعك بأن من يقف وراءها حفنة من الهواة ( على العكس بالضبط من الانطباع الكبير الاحترافية مع مجموعة الإم بى سى ، والذى لحسن الحظ لا تزال عليه دون انتقاص يذكر رغم انتقالها من لندن لدبى ) ، وأن بالتالى لا يزال ثمة بون طويل يفصل بين روتانا وبين النضج ، أو بعبارة أخرى لا تزال خضراء كلونها المفضل . أيضا المجلة التى صدرت اليوم تبدو شيئا ركيكا ومتسرعا للغاية ، حرفيا كتالوج لمنتجات ونجوم روتانا ، فيم كان المفترض أن تكون أشمل وأعمق مجلة عربية من نوعها ، أو تخيل مجلة تايم لا تكتب إلا عن أفلام وارنر لأنهما تصدران عن ذات الشركة !

آه ! التسرع . هنا يمكننا أن نطرح نظرية تفسر كل ما يجرى .

تدافع روتانا لإنشاء خمس قنوات فى خمس شهور أو ما شابه ، شىء يبدو على النقيض كلية من الإم بى سى التى لم تنشئ قناتها الثانية إلا بعد عشر سنوات من الأولى ( اقرأ متابعتنا السابقة هنا ) . التدافع سببه أنها تريد اللحاق ببيزنس فاتها منه بعض الوقت الثمين . فى حقل الموسيقى دخلت المدخل الوحيد الصحيح : اشترت كل النجوم ! ومن ثم بات المستقبل واعدا . فى السينما لا نعرف بالضبط ما سوف يؤول له الحال . كتبنا قديما جدا أن الثقافة العربية برمتها شىء صغير وتافه لا تزيد قيمتها عن بليون دولار ، ولا تحتمل التقسيم أصلا بين شركتين . ولا زلنا نعتقد أن مآل كل الأفلام والأغانى والكتب والصحف منذ سيد درويش حتى اليوم سيكون شخص واحد ، غالبا هو الأمير الوليد بن طلال ، بعدها سوف يشترى ستوديو سينمائى أميركى رئيس ، ويفتح أبوابا للتوزيع العالمى لتلك الثقافة . ملحوظة : نحن لا ندعو لهذا ولا حتى نجزم بنجاحة وكما تعلم لا نرى أصلا أن بهذه الثقافة الكثير مما يستحق أن يطلع عليه العالم ، لكننا فقط نتحدث من منظور بيزنسى محض .

على أن روتانا وقنواتها ومجلاتها ، هى التحليل الأخير مؤسسة مملوكة للوليد بن طلال ، شاب جيد التعليم ، دقيق الخطى علمى التفكير منفتح الفكر ، ولا يسهل على المرء المجازفة معه بأى تنبؤ سلبى ، على الأقل لأن سجله من الإخفاقات يكاد يكون معدوما . إذن ما تحدثنا عنه من تسرع ، وآمل ألا نكون نحن أنفسنا قد تسرعنا فيما سنطرحه من تشبيه ، هو تسرع ربما يشبه تسرع مايكروسوفت فى دخول كل ما دخلت ، من الواجهة الترسيمية للحاسوب إلى الإنترنيت إلى محركات البحث . تتمنع أو تترفع كثيرا فى البداية ، أو لو شئت تخطئ حساب الكمون المحتمل ، ثم تدخل فجأة وبسرعة وتبدو كمن يحاكى بركاكة الآخرين أو كمن تذكر شيئا بغتة ( حاكت الأبل والنيتسكيپ والجووجل بالترتيب بالنسبة للحقول الثلاثة التى ذكرناها ) . ثم تدريجيا ، وبفضل ما لديها من موارد هائلة مالية وبشرية ، تدخل التحسينات تدريجيا حتى نقطة الإبهار ، تتفوق على الجميع ، بل وتخرجهم من السوق .

فى لحظة حرجة للغاية بعيد 11 سپتمبر 2001 ، كانت الخيارات حاسمة واضحة ومحدودة جدا أمام الجميع ، بقاء الاستثمارات فى أميركا أو العودة هم وهى إلى السعودية . اختار الكل الأمر الأول ، أما الوليد فقد كان كلامه صريحا وجريئا : أنا صنعت ثروتى فى أميركا وستبقى فى أميركا . ربما لم تسر الأمور بعد ذلك على خير بالكامل ، أو لم يعد معدل النمو على سابق عهده ، أو بات من الضرورى التفكير فى بدائل أخرى ، وبالطبع كان من غير الممكن أن يمر 11 سپتمبر دون أن يغير كل شىء فى الدنيا ، أو بالأحرى يصنع عالما غير العالم . إلا أن هذا كله ليس بالشىء الجوهرى فى تقديرنا فيما يخص الحالة المعنية . وإن جازفنا بنبوءة ، فهى أن لا يزال بإمكان روتانا أن تكون الأفضل بين نديداتها . فقط الخطوة الأولى أن تأتى بمديرين محترفين ‑تقرأ أجانب ! اكتب رأيك هنا

 

 1 أغسطس 2005 : سمعت الخبر من نجلاء الحدينى صباح اليوم ، لكنه معمم بجريدة الغد ( محفوظة مع صفحات السينما قبل خمسة أيام وتشير لأن الخبر معلن بالصحف قبل هذا ، وإنتاجات جود نيوز من روز اليوسف 9 يوليو مصورة مرتين ومحفوظة مع صفحات السينما وفى ملف عروض وأرقام السينما المصرية . ومن ’ فى الممنوع ‘ قناة دريم مجدى مهنا لقاء مع أديب 20050816 ليلا ، يقول فيه إن القنوات مشاركة لأن قانون اتحاد الإذاعة والتليڤزيون يمنع البث الأرضى الخصوصى ، ومنه أن 80 بالمائة من ميزانية يعقوبيان أتته بالفعل من إسعاد يونس عن التوزيع الخارجى ! ومنه صححت يعقوبيان من 20 إلى 18 ولو حسب كلامه هى 17 لكن كل الأرقام السابق تناقلها كانت تقول 18 مليون خسارة حسب البرنامج أيضا . ومنه نقلا عن عماد أديب أيضا بالبرنامج الأرقام الخاصة بالمشاهدة الأرضية . أيضا قال إن همه أو حلمه قناة إخبارية أرضية لشعب مصر وسيمولها مناصفة مع اتحاد التليڤزيون بما بين 30-50 مليونا ميزانية سنوية من كل منهما . وردا على سؤال لمهنا أن هل تكفى هذه الأرقام ميزانية لقناة أرضية قال بسذاجة واضحة تكفى لو أنت محترف ! تغييرات كبيرة بدءا من صباح اليوم شملت قنوات النيل المتخصصة . أصبحت متاحة للبث الأرضى لمنطقة القاهرة الكبرى كما تسمى ( الأسرة والطفل مكان القناة الرابعة الحالية والمنوعات مكان القناة الخامسة والدراما مكان السابعة وهكذا ) . أما هذه القنوات المحلية فأصبحت متاحة فقط أرضيا فى مناطقها الإقليمية ، بخلاف تسلسلها التقليدى فى بداية النايل سات .

ليس هذا هو الخبر المهم . المهم أن البعض المختار من هذه القنوات للبث على حزم الإيه آر تى قد دخل هو نفسه مرحلة البيع الجزئى لمجموعة جود نيوز ، وقريبا سيصبح اسمها تليڤزيون النيل . ما لا نعلمه بعد هل هو ’ إيجار تشغيلى ‘ طبقا لبدعة أو مسمى رئيس الوزراء السابق ( الذى يقع بين الجنزورى ونظيف ، ولم يحدث أن ذكر موقعنا اسمه صراحة أبدا وفقط اعتاد الإشارة له بـ ’ إللى ما يتسماش ‘ ) . فحكومة مصر الرشيدة هى دائما أبدا جمعية خيرية كبيرة تعطف بمرتبات شهرية وعلاوات وحوافز وعيش بشلن على 7 مليون موظف لا يشتغلون شيئا ، وتعلم 700 مليون تلميذ لا يتعلمون شيئا ، فلماذا لا تمد يد الإحسان أيضا للقطاع الخصوصى عملا بالمبادئ الراسخة للتجربة الاشتراكية المصرية العظيمة والتى لا نظير لها عالميا وملخصها ’ فى مصر ما حدش بيموت م الجوع ‘ ؟ أم أنهم فى مقابل كل هذا سوف يغيرون قانون اتحاد الإذاعة والتليڤزيون حتى يسمحوا بخصخصة البث الأرضى ؟ طبقا لمنهجية لجنة السياسات بالحزب الوطنى والحاكم الفعلى لمصر ، أكاد أجزم أنهم سيفضلون الخيار الثانى . لكن المشكلة ربما لا تكون فيهم ، بل فى أن مدى استعداد القطاع الخصوصى نفسه ، أو ما يسمى بالمصطلح الناصرى الرأسمالية الوطنية لذلك . إذ أنه قد ’ وطنه ‘ خالقه المذكور ( الزعيم الخالد فى قول آخر ) على الطفيلية والاقتيات من أموال الضرائب وأنه لا يجب أن يكون فى حاجة أبدا لوضع السلع على الأرفف ووجع دماغه فى منافسة الصين وهولليوود ( قطاع خصوصى اشتراكى يعنى ! ) . هؤلاء ربما لا يسعون فى الواقع لأكثر من المشاركة 49 0/0 كصورة بغيضة أخرى من الدعم الحكومى ، أو حتى ربما يفكرون فى 51 0/0 ، لو كان لديهم البجاحة الكافية لطلب تسيير الشىء كله حسب هواهم السياسى أو الفسادى أو الابتزازى لكن بأموال الضرائب ، فهذه كما يبدو ‑أو كما تعلم‑ شريعة مصر الاشتراكية دائما أبدا !

من الأصل كل قنوات النيل المتخصصة كانت أشبه بنكتة بايخة كبيرة ، صناعة عصر حسنى مبارك وصفوت الشريف . موارد لا تكفى لإنتاج ساعة تليڤزيون جيدة واحدة ، أصبحت بقدرة قادر ميزانية سنوية لنحو عشرين قناة ، يخجل المرء منها ، وطبعا لا يشاهدها أحد . الأمر لا يحتاج لتعليق ، فهذه بلاد اشتراكية بالسليقة ديدنها هو الكم لا الكيف . ويا ليتنى كنت قد سجلت البث التليڤزيونى الذى لم يعيدوه أبدا لإحدى زيارات الرئيس قبل سنوات قليلة فى مطلع العقد لمدينة الإنتاج الإعلامى ، حيث راح صفوت الشريف يسمى له هذه القنوات بذاكرة يحسد عليها ، فإذا بالرئيس يسأل عن عددها ، فقال صفوت الشريف إنها تسع ، فإذا بالرئيس يسأل بسرعة عفوية سؤالا آخر ’ زى لبنان يعنى ؟ ‘ . وفى الحقيقة ما كان حريا بأى رئيس أن يشبه بلده بلبنان أو حتى بأميركا ، لأسباب دپلوماسية ، أو على الأقل لأسباب تخص ما يسمى بالكرامة القومية .

ماذا ستفعل جود نيوز أو غيرها بهذا الكم الغبى من غرف خاوية من كل شىء إلا أكداس من بشر آخر شىء يمكن أن يفهمونه هو الإعلام . الإجابة : لا يعلم أحد . ماذا ستفعل بالبث الأرضى ؟ أيضا لا يعلم أحد . يقولون لك إن الأهلى والزمالك يشاهده 60 مليونا ومسلسلات رمضان يشاهدها 65 مليونا ، بينما أجهزة استقبال الساتيللايت 2.5 مليونا فقط فى مصر . كلام جذاب للوهلة الأولى ، لكنه ينسى أن السعى وراء تلك الملايين العريضة من الناس لن يجدى كثيرا لأنها لا تملك قوة شرائية أصلا ، وأن ككل مصر بلد فقير للغاية ولن تمول الإعلانات المحلية البث الأرضى أبدا أيا ما كان . ثم هل ستظل خريطة توزع الاستقبال ما بين أرضى وساتيللايتى هى عينها بعد 3 أو 5 سنوات !

ما قد نقوله هو ما بين أيدينا بالفعل : إن جود نيوز أثبتت تهورها المرعب فى حقل الإنتاج السينمائى :

- ’ عمارة يعقوبيان ‘ ميزانية قياسية 18 مليونا من الجنيهات المصرية ويعرض فى عيد الفطر المقبل بعد نحو ثلاثة شهور . ونظريتى الشخصية أن لو كان وحيد حامد قد أحسن كتابته لما باعه أبدا بأى مبلغ ، ليس فقط من أجل الربح إنما كى ينفذه ويراه بالحرية الإبداعية التى يشاءها . وطبعا لا أقصد فى ذلك التقليل من شأن كاتبنا الكبير ، فالرواية صعبة حقا للتحول للسينما وتصلح فقط للتليڤزيون ، لكن أقصد سذاجة جود نيوز .

- ’ حليم ‘ 20 مليونا لفيلم لن يشاهده أحد تقريبا ، وجنازة أحمد زكى الخاوية كانت إرهاصة مزعجة للغاية !

- ’ أسامة بن لادن ‘ مشروع فيلم يقال إنه سيكلف 28 مليونا ، وبدوره سجل قياسى جديد سيحطم السابق المذكور .

- [ وكلام لاحق بعد أسابيع قليلة عن ’ محمد على ‘ ليحيى الفخرانى ربما كلف أغلى وأغلى . صدق أو لا تصدق ؟ سنذهب أنا وأنت لمشاهدة يحيى الفخرانى فى السينما ونحن الذين نتقيؤه يوميا على شاشة التليڤزيون ! ] .

ما كل هذا الهراء ؟ لو ذهبت كل إيرادات دور العرض المصرية بكل أفلامها المصرية والأجنبية فى عام كامل لأى من هذه الأفلام لما جعلته مربحا أبدا . الأفلام ربما تكون رائعة ‑وإن كنت أشك بشدة مطلقة فى هذا‑ لكن تظل لها حدودا قصوى للإيرادات لا يمكن تجاوزها إلا بتغييرات جذرية فى البنية التحتية أو فى قواعد اللعبة ككل . من هذه مثلا اندفاعة كبرى فى بناء دور العرض ، وهذه تمت فعلا ووصلت لنقطة التشبع واستنفذت أغراضها تقريبا ، أو مثل استقطاب كل فئات الجمهور وأجياله دفعة واحدة على طريقة ’ تايتانيك ‘ ، هذا بينما كل الأفلام المذكورة تخص شرائح محددة وضيقة جدا من ذاك الجمهور ، وليس حتى مجمل القطاع العائلى الذى يحقق الإيرادات للأفلام الكوميدية . أو من تلك مثلا رفع سعر التذاكر للمستويات العالمية ( 30 دولارا تساوى 200 جنيها مصريا ، فهل أنت شخصيا مستعد لهذا ؟ ! ) ، أو منها مثل أن تصنع الأفلام باللغة الإنجليزية وبنجوم هولليوود الكبار وبشخصية محورية أميركية حتى يهتم العالم بشأنها ، وبعدها تقتحم لوس أنچيليس بألف نسخة من الفيلم ، فهل لوس أنچليس مستعدة لغزونا الثقافى ؟ ! ( على فكرة كل من حاول ذلك من الأوروپيين أفلس إفلاسا مبرما ومن أول فيلم ! ) . ثم هل لدينا أصلا كتاب يصلحون لمثل إنتاجات عماد الدين أديب الكبيرة هذه ، بل حتى لدينا من يصلح فى المهن السينمائية الأخرى ؟

أوه ! نسينا النصف الثانى من النكتة : إسعاد يونس سوف تتشارك فى جميع هذه الخسائر المروعة ، لقد ولدتها أمها لهذا الغرض ، وستظل تلك رسالتها فى الحياة حتى آخر دقيقة !

المهم ، الآن تدخل جود نيوز حقل التليڤزيون ، بذات القلب الجامد والعقل الأخرق ، والنتيجة قد لا تقل كارثية . قد تقترح أن يفصلوا معظم المشتغلين فى القنوات المتخصصة . هذا لن يفعل شيئا ، لأنهم لن يجدوا أحدا يشتغل بأجور أرخص ، وأيضا لن يجدوا من هم أكفأ إلا بأسعار باهظة جدا . الوضعية الآن هى ما يلى : السوق مزدحم جدا مشبع جدا ، ومن ثم التنافس مرعب جدا ، ولن ينجو إلا القلة ويتفكك الباقون ، يفلسون أو يباعون لمن سينجو . قد تقول إنك ستصنع إشياء أغلى من الإم بى سى وستأخذ السوق منها . غباء × غباء ! من السهل رفع التكاليف ، لكن من الصعب تحقيق الربح . وأنا شخصيا لست بالذكاء الكافى لأتخيل أن هذا من الممكن أن يحصل ، ومن مصريين بالذات !

عماد الدين أديب شخص آخر يجب أن تحترمه جدا على الصعيد الشخصى والفكرى ، كان رائعا كمضيف تليڤزيونى للبرامج الحوارية لم يحدث أن جلس أحد أبدا على مثل هذا المقعد من بين الناطقين بالعربية له مثل ثقافته أو سعة إطلاعه أو نضج أفكاره ( هو مثلا النقيض الكامل لليسارى والتافه معا مفيد فوزى ) . لكن هذا شىء والإدارة والبيزنس التى يجرى إليها الجميع الآن ( من باب مجاراة الموضة ربما ) قصة أخرى . القانون رقم واحد فى دنيا تمويل الترفيه نصه ما يلى : النقود موجودة دائما أبدا ، المشكلة الربح ! هولليوود وبجلال قدرها تشكو نفسها من هذا . سپييلبيرج بجلال قدره ( أو شركته العملاقة المسماة درييمووركس ) يستعد لإشهار إفلاسه فى أية لحظة ( وبسذاجتنا كنا نكتب جميعا أن ’ الجمال الأميركى ‘ كان فيلما ناجحا لمجرد أنه تخطى حاجز المائة مليون ! ) ، ڤارايتى 10 أغسطس Variety_com - Regency on a regal roll.htm هنا وهذا حال نحو خمس شركات هولليوودية أخرى كبيرة يتوقع أن تعلن إفلاسها قبيل نهاية العام ، ومئات أخرى غيرها فعلت هذا طوال الوقت فى نصف القرن الأخير . أما عندنا فكل الناس تستيقظ معتقدة أنها ’ هتجيب الديب من ديله ‘ ، فقط مشكلة الدنيا الوحيدة هى عينها مشكلة كل منهم الشخصية : ضيق ذات اليد ، وأن لو وجدت لهم الأموال ’ لكسروا الدنيا ‘ . غير صحيح . بل قل هو خطأ قاتل . كل واحد أعرفه ، بمن فيهم كل واحد فى أسرتى ، يريد أن يصبح منتجا سينمائيا وينتج فيلما لمحمد سعد ويربح عشرات الملايين . احتار كيف اشرح لهم الأمر ، فاكتفى بالقول إن السينما سر سوسيولوچى سايكولوچى كبير جدا من أسرار الدولة العسكرية العليا لا يعرفه سوى شخصين فى كل بر مصر : محمد العدل وأحمد السبكى ، ولو حاولت تقليدهما بمحمد سعد أو غيره ( بفرض أنه سيقبل أصلا ) ، ستكون النتيجة الإفلاس والسجن . يتقبلون هذا ككلام دهولوچى غامض ولا معنى له ، لكن الحقيقة أنه يظل أقرب ما يمكن للدقة ولتشخيص واقع الحال ( أعد قراءة صفحة الفن الجماهيرى من بدايتها ) .

الآن إذن تدخل جود نيوز لحقل الإنتاج السينمائى ، ويقال إن الإيه آر تى وروتانا سوف تتبعانها . الفارق الأول أن هؤلاء الأخيرين سيبدأون بإنتاجات صغيرة ، لكن جود نيوز اختارت طريق الإفلاس المبكر على طريقة إسعاد يونس وزوجها . ويا لها من مأساة سترتبط بكل أسف باسم أول رئيس تحرير لصحيفة اقتصادية عربية يومية ، علمتنا وعلمت الناس الكثير ، وليس لى شخصيا شرف أعظم من أن كنت جزءا منها يوما !

الفارق الآخر أن عماد الدين أديب ليس الوليد بن طلال . الأخير لديه الوقت والموارد الكافية ليجعل قنواته هى الأفضل والأقوى وقتما شاء وكيفما شاء ، بشرط واحد أن يعود للحمته القديمة مع الغرب الأنجلو‑يهودى وخبراته . هذا عصر الكيانات الكبيرة ( عفوا : الكبيرة جدا ، وقصدى بالتحديد أن موش الاتحاد الأوروپى ! ) . وما نشهده هو طوفان من كل من هب ودب ( نقصد هب ودب فى الفهم ، وليس فقط فى الغنى والفقر ) ، كل من هب ودب صغيرا كان ، أم كبيرا ، أم ‑حسنا‑ شريكا من الباطن للكبار ، أم ‑حسنا أيضا‑ شريكا للجمعية الخيرية الشهيرة باسم حكومة مصر ! اكتب رأيك هنا

 

Hermes Bearing the Infant Dionysus, by Praxiteles.

Hermes!

 6 نوڤمبر 2005 : سهم هيرمس أو Egyptian Financial Group-Hermes Holding Company المجموعة المالية هيرمس القابضة ، سهم صعد اليوم بنسبة أكثر من 10 0/0 من بداية 81.67 إلى ذروة 91.48 جنيها ثم هبوط طفيف بنهاية الجلسة ( أو بزيادة نحو 125 0/0 منذ 4 سپتمبر الماضى اليوم الذى أتمثله شخصيا كبداية طفرة جديدة للبورصة المصرية عشية انتخابات الرئاسة وإيمان الجميع بأن الازدهارة جاءت لتبقى ، رغم اتفاقنا تأكيدا أن تولى فريق جمال مبارك وأحمد نظيف فى 12 يوليو من العام الماضى هو البداية الحقيقية بكل المعايير ) .

سهم مثل هيرمس هو نوع من عزف موسيقى ناعم يشحن إلى كريشيندو هائل عند لحظة معينة . أو كما يقول هواة الموسيقى العربية بمصطلحاتهم التى لا أحبها كثيرا ( أو شبه السوقية لو شئت ) يأتى بـ ’ عفقة عفية ‘ . بالأحرى هو موجة هواء دافئة ترفعك من أسفل لأعلى ولا تملك سوى أن تترك نفسك لها واثقا أنها لن تتركك تقع فجأة . تتبع هذه الموجة الصاعدة الهائلة موجات ناعمة تنساب فى قوس خفيف هابط ، لا تسمح لك حتى بمجرد التفكير فى تسييل النقود وإعادة الشراء . أنت حتى لن تحتاج لأدوات ما يسمى بالتحليل التقانى المعقدة المفيدة فى حالة السوق التى تصعد أو تهبط ببطء وغير الفعالة أغلب الوقت ذلك لسبب بسيط أن منوال pattern حركة سهم كهيرمس حثيث عتيد الصعود أثبت وأوضح من أن تحتاج لرسم منحنيات أصلا . إنها أبرز شركة مصرية ، إن لم تكن الوحيدة ، التى تستحق وصف الرقاقة الزرقاء blue chip ( التسمية الشهيرة المستقاة من لون الرقاقة الثمينة فى فيشات لعب الپوكر أو فى نوادى القمار ) . وسهمها سهم قوى قدير وفى نفس الوقت ودود حنون راقى لا ينفعل أبدا ، بل لعله أجمل سهم فى الوجود ، ربما تحسدنا أميركا نفسها على أن لدينا مثله !

سهل أن تقول إن لكل سهم طعم وشخصية وروح ومذاق ومزاج ، ويجب أن يدخل قلبك … إلخ ، لكن من الصعب أن تجد سهما ذو قلب من الذهب الخالص ! جمال هيرمس فى الواقع شىء أكثر حتى من هذا . الاسم نفسه هو اسم هيرمس إله التجارة فى الميثولوچيا اليونانية ، اسم تحب أن تذكره طوال الوقت أو مثلا أن 20060105 07:09 م محاولة نوم انتهت لأن عرفت اسم كلبى القادم ونهضت للحبث عن تاريخ الاسم وتمثال لصاحبه ومن ثم توضيب هذا المدخل بعد أن ظل حبيسا فى الأچندة ربما بسبب هيرمس نفسها حيث أنه لم يكن ليتحول أبدا لنشرة يومية تزكى أسهما وتحذر من غيرها كما كان التفكير فيه أصلا ساعتها . 20051107 03:28 ص : أيضا لا زلت محاولا النوم : ميلاد فكرة كتابة كل تحيلاتى للبورصة فى صفحة جديدة تسمى Investment ، أتميز فيها بالكلام العاطفى مثلا عن هيرمس …إلخ . تسمى كلبك به ! واختيار الشركة التى أسسها معلم الاستثمار المصرى ، وعراب التحول للعصر الجديد لسوق الأوراق المالية د . محمد تيمور ، يحمل مدلول أكبر من مجرد الوصف بالحضارى . هذا هو السهم الذى ذكرت عابرا ذات مرة فى صفحة الفن الجماهيرى أنى لا أبيع ما أشتريه من أفكار ومن أسهم ! ( الاسم كان بالطبع يخص فى الأصل شركة هيرمس فاينانشيال التى اندمجت مع إى إف چى سنة 1996 مكونة الشركة الحالية . وقد تأسست هيرمس تلك سنة 1994 بواسطة مجموعة من الشباب الطموح العائد من أميركا لعل أشهرهم اليوم علاء الدين السبع ، إما إى إف چى فهى أقدم بكثير وقد بدأت كشركة استشارات مالية سنة 1980 والتى أعطاها عراقتها دكتور تيمور وفريقه ) .

الأسس المالية لهذا الخيار واضحة ومربحة جدا ، وأسميها الاستثمار فى الاستثمار . توصلت إليه من خلال الأسئلة القاعدية التى يجب أن تسبق قرارك الاستثمارى : 1- ما هو وضع الاقتصاد العالمى ، وبالأخص منه الاقتصادين الأميركى والياپانى ؟ الإجابة هو قوى جدا بفضل السياسية اليمنية الصارمة المعادية جذريا للضرائب وأسعار الفائدة وللدعم وللقيود بأنواعها ، ذلك لكل من بوش وكوئيزومى واللذان يقودان كل العالم وراءهما ، بنجاح هو فى الحقيقة أسرع وأكثر إبهارا من كل توقع ممكن . هو ‑أى الاقتصاد العالمى‑ فى العام الثالث للصعود ، ودورة الاقتصاد عادة ما تتكون من عشر سنوات خمس صاعدة وأخرى هابطة ، إذن لا يزال النمو متحا . 2- ما هو وضع اقتصاد بلدك ؟ الإجابة لا بأس بالمرة ، ذهب إللى ما يتسماش وجاء جمال مبارك وأحمد نظيف ومحمود محيى الدين ، والاقتصاد يتأسس على قوى سوقية تنافسية صحيحة شفافة وانفتاحية لحد كبير . 3- أى القطاعات أفضل ؟ كلها تقريبا جيد وواعد ولا يمكنك أن تمسك بسوء كثير على أيها ، لكن بما أن الحال كذلك ‑وفقط لأنه كذلك‑ فقطاع الاستثمار هو أفضل ترجمة لذلك النمو ككل ، بنوك الاستثمار تمارس السمسرة ، تدير محافظ ، تتولى الطروحات الأولية وغير الأولية ، تقبض أسهم ، وغيرها . أو بالتعبير المصرى زى المنشار طالع واكل نازل واكل ، طالما البورصة نشطة وفى نمو ، فبنوك الاستثمار هى أكثر القطاعات ربحا إطلاقا . 4- ما هى أفضل شركة ؟ وهنا الإجابة واضحة : هيرمس ، إنها تقريبا نصف السوق !

إذن هو ليس بسهم مضاربة تقليدى ، بل الثرموميتر الذى يترجم نبض السوق المالية بل والاقتصاد ككل . هى ‑فى هذه المرحلة على الأقل‑ نوع من الاستثمار طويل الأجل long term ، أو على الأقل متوسط الأجل ، والربح بترك النقود فيه ربما يبز مكاسب أعتى المتداولين اليوميين ( المضاربين ) . الاستثمار فى شركات القطن قد يكون مدعاة للفخر أيضا ، لأنها شركات تبنى صناعة مصرية ذات تاريخ عريق من جهة تستطيع أن تكون منافسة جلوبية من جهة أخرى ، وثالثا هى صناعة وطيدة الصلة بإسرائيل وأميركا من خلال اتفاقية المناطق المؤهلة ( كويز ) وهى إنجاز حضارى قائم بذاته ، لكن للأسف ما يجرى على أسهم القطاع حاليا هو نوع من المضاربة الخالصة يجعل أسعارها لا تتناسب مع قيمة الشركات الحقيقية ، ثم رغم هذا يظل ‑وبالأرقام‑ شراء سهم هيرمس ومجرد الاحتفاظ به أربح منها جميعا .

على أن الخيار كما قلنا ليس ماليا فقط . لكن الأكثر أهمية من أن تنمى محفظة بملايين الجنيهات ، أن تكون سعيدا مستمتعا وفخورا بأنك تساهم فى شىء حضارى يؤسس على هذه الأرض التى عانت من الخراب ( الناصرى وغير الناصرى ) الكثير ، وتخجل من أن يقال عليه اقتصاد بازغ بينما العمر الحقيقى لسوق أوراقه المالية فيه يناهز القرن وربع ( هل تعلم لماذا تسمى الكثير من المقاهى فى مصر نفسها بورصة ؟ السبب أن البورصة المصرية التى ولدت بتداول القطن بدأت على أحد مقاهى الأسكندرية سنة 1885 ! ) . نعم أنا استثمر فى الاستثمار ، وأنصح بشدة بهذا على المجرى المنظور . وأقول مثلا لو أن استثماراتك فى العقارات تزيد عن 10 0/0 من ثروتك بع ما تملك واسكن فى عقار مؤجر ، إلى يوم تنتهى فيه صحوة سوق المال المصرية ( المرتبطة قاعديا بصحوة الاقتصاد وتحريره وهذه لن يقل عمرها عن عامين أو ثلاثة على أقل تقدير ) ، ساعتها اسكن فى قصر فى القاهرة الجديدة !

قد تسألنى لماذا لا أستثمر مثلا فى قطاع الاتصالات . أنت محق فى أن تتوقع من شخص مثلى ( على الأقل كمؤلف لكتاب مثل حضارة ما بعد‑الإنسان ) أن يستثمر فى أسهم التقنية . هذا صحيح ، وفعلا لو كنت مقيما فى أميركا لاستثمرت مثلا فى مايكروسوفت وإنتل وفايزر . لكن الفكرة ليست مجرد أن هيرمس أكثر ربحا من أوراسكوم تليكوم ، بل أن المرحلة التى تحياها بلادنا تحتاج قبل الهواتف الخليوية لمفهوم الاستثمار الحر نفسه . هذا هو الفعل الحضارى الذى قام به مؤسسو هيرمس : وضع اللبنات ’ الأولى ‘ للسوق الحرة . هذه هى أسس الثورة المطلوبة الآن ، أما التقنية فهى مرحلة لم يأت دورنا فيها بعد . أنت لن تكون فخورا بالاستثمار فى أسهم أناس كونت ثروتها من المقاولات أو رصف الطرق لحساب الحكومة بأموال الرشوة فيها أكبر من الشغل نفسه . حتى لو تحول هؤلاء للتقنية لن تشعر بالفخر وأنت تعلم أن الأجهزة تباع للحكومة والجيش والقطاع العمومى بثلاثة أضعاف الثمن معظمها يمرر تحت المناضد . باختصار من ترعرعوا فى ظل الاشتراكية ولوثوا أيديهم وعقولهم بها ، سواء فى مصر أو فى الريچيمات الاشتراكية ’ الجماهيرجية ‘ المجاورة لها ، لا يمكن أن يتطهروا أبدا مهما فعلوا ، مهما لبسوا من ثوب التحضر ، ومهما كفروا عن ماضيهم ، بل وحتى لو دخلوا يوما فى تصنيع التقنية وليس مجرد استيرادها .

أما هيرمس وصناع هيرمس ومن وراء هيرمس فهم من الأصل رأسماليون حتى النخاع ( حتى لو بين بعضهم وبين الحفرية الأشهر محمد حسنين هيكل صلة قرابة أو نسب ، كلهم تمرد عليها أو تبرأ صراحة من أفكاره السياسية حسن هيكل ابن هيكل وابن شقيقة محمد تيمور وتولى منصب الرجل الثانى بعد ياسر الملوانى مع اعتزال تيمور فى أول يناير 2006 وبعضهم ربما يدارى خجله منها ) . هم يتحلون بأفضل ما فى الرأسمالية من أخلاق ، أخلاق الحرية وترك مليون زهرة تتفتح ، ويرون الأمر ككل أشبه برسالة حيث جهودهم الطوعية كتأسيس الجمعيات غير الحكومية لنشر ثقافة البيزنس وحرية البيزنس لا تقل عن جهودهم لتنمية شركتهم . أيضا هناك الترسيخ لأخلاقيات التداول ، فلو أنت تتعامل بالأسهم ، ستعيش ليلا نهارا فى فيض أخبار ‑يسميها الناس شائعات ومع ذلك لا يكفون عن الجرى وراءها . كثير من هذه الشائعات يطلقها كبار حملة الأسهم ، إن لم يكن الشركة نفسها ، بهدف الترويج للأسهم . طيلة الفترة الأخيرة لم يكن يوجد حول هيرمس أية إشاعات جيدة ، فقط بعض الشائعات السيئة من الخصوم حول تغيير مجلس الإدارة أو وجود خلافات فيه … إلخ . أما الأخبار الحقيقية فهى فقط تحدث متفرقة من حين لآخر عبر إفصاحات رسمية ، أسميها شخصيا هيرمس ’ تهز وسطها ‘ ، والجميع يعلم أن ’ هزة وسط ‘ بسيطة من هيرمس كفيلة بجعل كل السوق وكل الحسابات تهتز ، وكل قاعة البورصة ترتج من التصفيق ، وبسعر السهم نفسه برقص طربا ضاربا نفسه فى 1.5 فى بضعة أيام أو على الأكثر أسبوعا !

أما عن الأخطاء فهى فى الواقع تكاد تكون معدومة ، لكن أشهرها وأكبرها جميعا ، كان محاولتها دخول سوق الثقافة العربية ، من خلال تأسيس شركة ‑أو للدقة ثلاث شركات‑ تسعى لشراء أصول السينما والموسيقى والكتب ، ومن نافلة القول إن هذه الصفحة التى تقرأها الآن تأسست من الأصل للتعليق على هذا الموضوع ، بالذات من خلال ذلك المزاد الشهير قبل نحو خمس سنوات لامتلاك أصول السينما وغيرها ، وكان لنا فيه صولات وجولات فى حينه أثارت دهشة الكثيرين لكن سرعان ما ثبت صحتها الصاعقة . ساعتها قدرنا على عكس من كل التهاويل حول ’ الاحتكاريون قادمون ! ‘ التى ملأت كل الصحف بلا استثناء ، أن من يفعلون هذا لا يستطيعون احتكار صرصار وسيبوء بهم الأمر خاسرين إن لم يكن مفلسين . والسبب فى هذا بسيط كما قلنا يومئذ ، وهو أن الثقافة العربية برمتها لا يمكن أن تساوى تلك الـ 2 بليون دولار التى كانوا يتهافتون لدفعها لشراء تراث الأفلام والأغانى والكتب ، وأقصاها أن تساوى بليونا واحدا ، وأيضا بشرط أن يكون ثمة أفق مخطط سلفا للاندماج داخل ستوديو هولليوودى كبير ، وطبعا قلنا هذا من خلال خبرتنا الخاصة بتاريخ التجارب المماثلة لمؤسسات إنتاج وتوزيع الترفيه العابر للغات . وبالفعل انتهت تلك المهزلة بخسائر مروعة للشركة الأكثر اندفاعا فى هذا وهى الشركة العربية الشهيرة إعلاميا باسم هيرمس ، أما هيرمس الأم ، ممثلة فى ابنى محمد حسنين هيكل وأحمد بهاء الدين وغيرهما ، فإنها والحق يقال ، قد ’ لمت أوراقها ‘ بسرعة ، ورضت بالخسارة القليلة بدلا من المضى فى المشوار الكارثى لآخره .

ننوه أيضا أنه لا يكاد يمر شهر حتى تتقدم هيرمس مرتبة واحدة على الأقل فى سجل القيمة السوقية . الآن هى حوالى 7.5 بليون دولار وباتت من العشرة الكبار ، أما من حيث التداول اليومى ، فهى الأولى بلا منازع أغلب الأيام ، وهذا ينطوى على قيمة أخلاقية أخرى ، فهى شركة مساهمة بكل معنى الكلمة أى مملوكة فى معظمها للمساهمين الصغار والمتوسطين ممن يتداولان السهم طوال الوقت ، وليست كالشركات العائلية التى توضع فى البورصة نسبة قليلة من أسهمها ، كى يستمتع أصحاب الشركة ببيع أسهمها بالتقسيط بربح هائل وبجهد قليل ينحصر فى إطلاق بعض الشائعات المزيفة ، ولا أريد أن أفيض هنا ، وإلا اضطررنا فى حال الاعتماد على ما تقوله الميزانيات ‑بفرض صحتها كلها‑ أن عددا كبيرا جدا من الأسهم المصرية الشهيرة جدا يجب أن تقسم قيمته على 10 لو أردنا المقارنة بينه وبين ميزانيات شركة هيرمس القابضة ، ناهيك عن أنك يمكن أن تشترى سهما مثل هيرمس بسعر المستقبل ، أى مع افتراض أننا بصدد سوق صاعدة وأرباح واعدة كثيرة للبنوك الاستثمارية ! ) .

مع ذلك لا بد من التنويه أن عامة السوق المصرية ككل سوق تتمتع باستقرار وضبط كبيرين بالإضافة للأرضية الصلبة صناعية وزراعية وعقارية . والفضل فى هذا موزع ما بين جيل البنائين المنتجين الجدد الذى بدأ يفرض نفسه داخليا وخارجيا ، وما بين الفريق الحكومى الواعى وتشريعاته الناضجة ، وما بين التاريخ العريق جدا للبورصة ، وأيضا يرجع لكوننا قد حظينا فيها بمثل فريق هيرمس المرموق ، ولم نتركه نهبا للمضاربات الورقية ككثرة من الأسواق المحيطة بنا والتى تصل إحداها لثلاثين ضعف جحم تداولنا اليومى ، ذلك دون أن تحظى باحترام عالمى يذكر ( السعودية تتداول بستة أو سبعة بلايين دولار يوميا بينما تناهز السوق المصرية البليون جنيها ، كسرت هذا الحاجز لأول مرة الأسبوع الماضى فى جلسة 31 أكتوبر [ وبدءا من الغد تحديدا أى 7 نوڤمبر ، أصبح مستوى التداول البليونى هذا معتادا سواء من حيث تحوله لظاهرة يومية أو لكونه ناجما عن التداول العادى للأفراد والمؤسسات دون أية صفقات استثنائية كبرى مما تسمى بالاستحواذات الودية عادة ، ومما لا شك فيه أن هذه الطفرة يأتى كأحد توابع زلزال هيرمس فى الأيام الأخيرة ] ) . مجمل هذه الإسهامات من روح وثقافة واقتصاد هى دورهم التاريخى الذى لا بد وأن يذكر لهم يوما لو حدث واستمرت مسيرة التحديث فى هذا البلد .

حديث الأخلاقيات يطول ، لكن باختصار أقول إنهم أناس يشتغلون ، أناس علميون مثابرون ، وليس لديهم وقت للكلام ، ولا حتى للدعاية لأنفسهم مجرد الدعاية المشروعة !

مرة أخرى نحن نتحدث عن أسس ولبنات ، وفى التحليل الأخير الاستثمار يجب أن يكون فى زراعة وصناعة وتقنية تلمسها اليد على الأرض ، وليس مجرد استثمار فى ورق كما يحدث فى السعودية والإمارات مثلا الآن ، حيث سوق المال أضعاف مضاعفة لما هو حقيقى على الأرض ، بل ووصل الأمر لأن شركات الصناعة والتجارة تولد الآن معظم أرباحها من شراء أسهم الغير وأحيانا أسهم الشركة المنافسة ( على الأقل جدا التقاليد والرقابة التى تكفل حرية التنافس الشريف ليست بعراقة السوق المصرى مثلا لدى المقارنة ) . قطعا لا نريد أن نصل لمرحلة الفقاعات هذه ، نريد البناء الحثيث والجاد ، وقطعا البناء على الأرض يحدث وسيحدث قطعا وهو المحك الحقيقى الذى لن توجد هيرمس أو غير هيرمس لو لم يتحقق ويزدهر .  فقط المفارقة أنه يحدث الآن بفضل ثقافة الخصخصة وتحرير الاقتصاد أو ‑حسنا : التوريق !

'Mahfouz Waves' is a stock market indicator developed by Egyptian writer Medhat Mahfouz in September 4, 2005.

Better than Sex:

Technical Analysis!

كلمة واجبة عن التحليل المسمى بالتقانى : للأسف نرى المحللين الذائعين صحفيا وإعلاميا يعطون التحليل التقانى Technical Analysis حجما أكبر من حجمه ويروجونه كأداة سحرية للمكسب ، بينما الواقع أن المكسب آت آت لا محالة فى سوق صاعدة كحالتنا اليوم ، هذا بينما لو أنك قد اتخذت قرارا استثماريا ولو حتى قصير الأجل short term أى تركت الأمر برمته لستة شهور ، ستجد نفسك قد ربحت أكثر من أى أحد آخر ممن يسمون أنفسهم بالمحترفين وتراهم يتخايلون فى قاعات شركات السمسرة . فالمؤكد أن التحليل التقانى ليس بعلم ، وفى أقصى الحالات يسمى فنا . أنا شخصيا أحبه ، ولطالما خططت للمضاربة بمائة ألف من نقودى باستخدامه ، ونميت مؤشرى الخاص الذى أستخدمه فيه بنجاح كبير فيما أتصور [ وثبت أنه أكثر من مفيد أو حتى رائع فى الشهور التالية خلال فترة التصحيح أو الانهيار الكبير ، حيث بات أداة حيوية للغاية تحدد لك بالضبط اللحظة الفاصلة بين الحياة والموت ! ] ، لكن هذه كلها فقط من أجل الحصول على نفس إثارة لعب الورق ، البريدج حيث عليك أن تخمن الورق مع من وإلى ماذا يخطط . أو ربما يصبح اللعب على المكشوف فتشبه الشطرنج أكثر . نعم ، أنا أربح من ذاك التحليل التقانى معظم الوقت ، إن لم أقل طوال الوقت ، لكنى أكرر إنى أمارسه فقط من أجل المتعة وبجزء صغير من المحفظة ، وبالضرورة فى أجواء احتفالية أو وسط تحديات ذكاء ومراهنات على عشاء فاخر بين الموجودين حول إلى أية ناحية سيتحرك القطيع غدا ( ذلك بالذات لو كان المسئولون عن الأمر فى شركة السمسرة التى تحمل اسم البنك التجارى الدولى الشهير جدا ، هن بالكامل ، ومثلهن مثل جمهور المتداولات ، فائقات الجمال رفيعات الأناقة يبتسمن لكلمات الغزل التى يوجهها لهن العملاء الكهول فى أغلبهم ، والتى كنا قد تصورنا أنها ‑أى المعاكسات الظريفة‑ شىء من الماضى اندثر بالفعل . وهو المهم فى الأمر ، وليس حنكتهن ‑هؤلاء أو تلكن‑ الاستثمارية أو حتى البنكية . ولا أزيد هنا ، فللأسف يبدو أنه قدر لا فكاك منه فى كثير من الحالات ، أن كلما زادت الشركة ضخامة كلما زادت بيروقراطية . أو ربما هذا حكم قاسى مخطئ ، وكل ما فى الأمر أننا كلنا أصبحنا نفتقد شركة السمسرة القديمة من الأيام الخوالى ، حيث كل شىء يتم فى أجواء سلسة متساهلة سريعة وشبه أسرية . بالمناسبة أيضا رقم 100 ألف المذكور لم أحدده أنا إنما هو الحد الأدنى لفتح حساب فى هذه الشركة ) . هو ‑أى الربح من خلال التحليل التقانى‑ جزء مما يمكن تسميته الحياة الحلوة ، بفرض أنه يوجد شىء يمكن أن يطلق عليه هذا الاسم فى بلادنا المتخلفة . لكنى شخصيا لست متفرغا جدا كى أتحول لمتداول يومى أو ما يسمى عندنا المضارب ، وأذهب فقط فى الأيام التى أتوقع فيها حدوث أشياء درامية . وطالما أنت بعيد عن مركز الإدارة أو التأثير فى أى شىء ، فهذا لا يعد شغلا منتجا حقيقيا ، مع ذلك لا أعدك بدوام تلك المقاطعة شبه الكاملة للأبد ، فالإغراء كبير بالذات حين يصبح التداول سهلا وسريعا من خلال الإنترنيت ولا يستنزف الوقت ، وبالذات تربيع حين ترفع الرهانات والإثارة من خلال ما يسمى الشراء بالهامش .

فى جميع الأحوال أرجو منك أن لا تنس حدود هذا الشىء المسمى بالتحليل التقانى . هو ليس أداة للاستثمار ولا للربح الجدى ، هو لعبة لذيذة لا أكثر . وكلمتى التى أكررها دوما هى أن التحليل القاعدى يحدد لك ماذا تشترى ، والتحليل التقانى يحدد لك متى تشتريه ( آخر الجلسة ، غدا ، بعد غد ، لا شىء أكثر ) ، وفى كل الأحوال هو ينطبق فقط على الأسواق التى تسمى عميقة ، أى تلك التى من الضخامة بحيث لا يمكن لأى مضارب التأثير الملموس على أسعارها ، والتى بالضرورة تتحرك كل أسهمها فى حدود ضيقة ، بل وحول مكررات ربحية متجانسة بين غالبية الأسهم . عميقة هذه هى عكس ضحلة الى هى سمة أسواق منطقتنا العربية برمتها . دون المصادرة على فكرة التربح اليومى من الصعود والهبوط الدائمين فى أسعار أى شىء يتداول ، فما نقوله هنا هو على نحو عام دعوة لترك المضاربة واللواذ بالاستثمار . ولا دلالة أكبر هنا من ذكرها وذكرنا بها محلل كويتى على سى إن بى سى ‑عربية صباح 2 فبراير 2006 وقد تداعت الأسعار بالفعل فى كل مكان ! كلمة تقتبس عن ثانى أغنى رجل فى العالم بعد بيلل جيتس ، وارين بافيت الذى هو مستثمر صرف وليس بحال مدير ولا رجل بيزنس . يقول إنك تشترى وتبيع الأسهم بناء على نسبة السعر للعائد ( ما يسمى فى الترجمة العربية مكرر الربحية ) . نعم ، صدق أو لا تصدق ، من جعلته الأسهم ثانى أغنى رجل فى العالم ، لا يعير التحليل التقانى أدنى اهتمام ، ويطيح به بالكامل !

… اكتب رأيك هنا

 

 18 يناير 2006 : الصفحة الأولى لجريدة الأهالى اليوم مخصصة بالكامل تقريبا للكلام عن صفقة بيع حصة القطاع العمومى فى البنك المصرى الأميركى لبنك كاليون الفرنسى ، وطبعا محور الكلام أنه قد بيع بثمن بخس لصالح أحمد المغربى وزير الإسكان ومحمد منصور وزير النقل اللذين يملكان 25 0/0 من أسهم فرع كاليون المصرى . وطبعا كل هذا لم يكن سوى خطوة أخرى فى تصعيد التحريض الإعلامى والجماهيرى ضد الصفقة ، الذى يملأ كل الدنيا أقامها ولم يقعدها منذ إعلان الصفقة ، ويقال إنه على الأقل سيتحول لاستجواب أخوانجى ناصرجى فى الپرلمان .

مبدئيا أقول أنى لا أتمنى رؤية فرنسى واحد فى مصر ، وأن تعلق فى المطار لوحة تقول ممنوع دخول الفرنسيين ، بل قد أخطو خطوة أبعد وأقول إنى لا أريد أن أرى يورو واحدا يستثمر فى مصر ، فهؤلاء لن يأتوننا سوى بالاشتراكية والفساد والرشاوى . وفى المقابل أقول إن الاستثمارات الصحيحة التى سترفع مستوانا الاقتصادى ومستويات الشفافية والتنافسية عندنا يجب أن تكون أميركية أو بريطانية أو إسرائيلية أو طبعا ياپانية ، وحتى مع الحذر فى الفترات العرضية التى قد تكون هذه الأمة أو تلك من الأمم الأربع واقعة تحت حكم اليسار . لكن كل هذا كوم وأن أقول إن هذا الوزير أو ذاك قد استغل منصبه شىء آخر . سواء أنا أو أى أحد من الجهابذة ممن يكتبون ، لا يستطيع الجزم بأى شىء دون تحليل دقيق للموقف المالى بكافة تفاصيله . وهى ‑أى ما يسمى المعاينة النافية للجهالة‑ هى الخطوة الأكثر عسرا وطولا فى كل صفقة من هذا النوع ، وتستغرق شهورا ، ولها شركاتها المتخصصة ، والنتائج ‑التى تختلف عادة عن آخر ميزانية‑ ليست علنية بالضرورة ، لكنها هى التى تترجم فى السعر المعروض بواسطة المتنافسين المختلفين .

أولا الكل يتحدث عن سعر البورصة ، يقولون إنه أكبر من الـ 45 جنيها ( أو للدقة ينسون الخمسة الأخرى التى سددت لصندوق العاملين ويبدو أن البنك كان مدينا بها إليه ) ، بينما أى طفل يعلم أن سعر البورصة شىء ، والسعر العادل المبنى أساسا على تقييم الأصول شىء آخر ، ناهيك عن أن السعر المبنى على الربحية وحدها قد يكون شيئا ثالثا تماما ، أقل وأقل فى حالة سوق ثيرانى صاعد كسوقنا ( فى أميركا كل الشركات المعروفة نسبة السعر للربحية فيها هى 13 أو 14 لا تزيد ولا تنقص ، ربما فقط فى حالات التفاؤل الشديد بالاقتصاد أو بنمو قطاع معين ترتفع لتصبح ما بين 14 و15 ، لكن أبدا ليس أكثر . بينما عندنا قد تفوق المائة ( وأحيانا تكون رقما لا نهائيا لأن القسمة تكون على ربح يساوى صفرا أو حتى خسارة ، أما مثلا فى السعودية فحدث ولا حرج ، حيث يقولون إن الرقم يبدأ من 40 فما فوق ، والمتوسط العام مائة فما فوق ! ) .

لكن للأسف ما يعرفه أى طفل لا يعرفه سلطان أبو على وزير اقتصاد مصرى سابق من الحقب الاشتراكية ممن أصبحت الأهالى تعشق استضافتهم فجأة . يقول بمنتهى البساطة والجهل أو بالأحرى العبط ، إن سعر البورصة هو السعر العادل ( هكذا ! ما كانش حد غلب ، ولا كان حد بحث عن مستثمرين ستراتيچيين ، أو كأن الشرا م البورصة حاجة غايبة عن الكل وبيفكرنا بيها سيادة الرفيق ، طب ما رحش ليه هو والاشتراكيين بتوعه اشتروا البنك م البورصة لما هم معجبين قوى بسعر 88 جنيها ؟ ) . ثم انظر ما هو الوضع الآن : هل سيدفع كتاب التجمع وعصابة الأخوان أو غيرهما من ديدان المعارضة ، حزب الحقد الكبير ( الحئد ، حسب عبارة السادات الشهيرة : ’ قدرت على كل حاجة فى مصر ، إلا حاجة واحدة ما قدرتش عليها : الحئد ! ‘ ) ، هل سيدفعون الملايين الفرق للوزيرين والسعر الآن يتداول دون الـ 45 جنيها وليس حتى دون الخمسين ! المفاجأة أو المفارقة الأدهى لديدان المعارضة ولميليشيا الأخوان أن ما تم يمثل تدخلا من الدولة فى توجيه الاقتصاد ، وكانوا هم أولى الناس بالدفاع عنه . من الآن فصاعدا سيريح الجميع أنفسهم من وجع الدماغ والتشهير فى الصحف والجرجرة لمجلس الشعب ، ويذهبون للبيع فى البورصة ، وسيبك من حكاية مستثمر ستراتيچى أو اجتذاب عمالقة العالم للسوق المصرية . اذهب بالأسهم وفتتها على صغار المستثمرين ، ودع البنك أو الشركة تموت موتا بطيئا لا تكتسب تقنية ولا تفتح أسواقا ولا تقوى على منافسة أحد ، أو لعل هذا ما تقصده أبواق اليسار والإسلام من معارضة الصفقة ، الموت البطئ ، هدف الاشتراكية الأعظم .

هل الصفقة فاسدة أم لا ؟ لو سألتنى أنا لقلت لك لا يمكن أن يأتى شىء نظيف من جانب الفرنسيين ، لكن رأيى لا قيمة له ، كذا رأى أى أحد م يتفرغ شهورا لدراسة مستندات البنك وتقييم أصوله ، المحك المتاح فقط لأمثالنا من خارج المعمعة ، هو أن نقول إن البنك المركزى أشرف على كل خطوات المزاد وهذا يرضينا ، أو نكون سفلة ونلقى الاتهامات جزافا .

هذا المزاد فيما علمت من مصادرى على ناصر مدير الشراء الهامشى بالبنك العربى الأفريقى الدولى كان قد تقدم له ثلاثون بنكا ، قام هو بتصفيتهم لأربعة ، ثم انسحب اثنان حين أحسوا بارتفاع السعر الذى قدموه ، وفاز كاليون الفرنسى لأفضليته السعرية ( الانسحاب من المزادات يحدث أحيانا ولعل أشهره مؤخرا صفقة شراء بنك مصر أميركا الدولى التى يقال إن تملص منها الكويتيون ‑بنك الكويت الوطنى والشركة القابضة المصرية الكويتية‑ بعد توقيعها الفعلى ، وتذرعوا الحجج وأعادوا تفسير العقود فقط لاكتشافهم أنهم أخطأوا فى السعر ، وانتهى الأمر فى مايو الماضى باستحواذ كامل عليه من قبل البنك العربى الأفريقى الدولى ) .

تاريخيا البنك المركزى المصرى كحكم محايد هو أكثر نزاهة وأمانة ومهنية ، على الأقل لدى المقارنة بقضاء مصر الشهير بالشامخ نفسه . لكن هذا لا ينفى أنه يجب ألا نغفل البعدين السياسى والثقافى للاستثمار . فحين نقيم شراكة أو حتى حين تأتينا استثمارات من دول منطقة اليورو أو مما نسميه الأممية الخامسة أى الاتحاد الأوروپى ناقص بريطانيا ، حتى لو حدث وكانت الأفضل سعرا أو كانت نزيهة تماما من المنظور الأخلاقى ، فإن آثارها ستكون مدمرة بلا شك على المجرى البعيد . اكتب رأيك هنا

[ تحديث : 29 يناير 2006 : فعلا أخذ بنك الأسكندرية بالنصيحة ! سمع الكلام وباع اليوم ما يلى : 2.31 مليون سهم فى الدلتا للسكر ، 4.58 مليون سهم فى أبو قير للأسمدة والصناعات الكيماوية ، 1.95 مليون فى السويس للإسمنت ، 1.2 مليون سهم فى إسمنت قنا ، 334 ألف سهم فى الأسكندرية للصلب ( عز الدخيلة بالمسمى الجديد ) . كل ده فى يوم واحد [ فى الجلسة التالية 1 فبراير باع 7.27 مليونا من أسهم سيدى كرير للپتروكيماويات و9.22 مليونا من أسهم مدينة الإنتاج الإعلامى ، وفى 6 فبراير باع 6.13 مليون سهم فى البنك المصرى لتنمية الصادرات ، وفى 7 فبراير باع 5.09 مليون سهم فى بنك الدلتا الدولى ، تصبح 9.29 مليونا بإضافة ما باعته أيضا الشرق للتأمين فى نفس اليوم من أسهم ذات البنك . والواضح أن بنك الأسكندرية عازم على تصفية كل محفظته بهذه الطريقة فى غضون فترة قصيرة ] ، والبلايين كنت مستنية ، وعملت رقم قياسى فى تاريخ البورصة ، حاجة كده قرب التلاتة بليون لأول مرة فى يوم واحد . طبعا أخد سعر البورصة ، عامة الأسعار عالية ، لم يتم ’ إهدار المال العمومى ‘ ، اتحزمى يا معارضة ! [ 3.4 بليون جنيه قيمة الصفقات التسع مجتمعة ، وفيما علمنا المشترى لأغلب الأسهم كان بنك الاستثمار القومى ، والصفقات كما قلنا لم تكن محمية أو مقومة ، إنما فقط بسعر السوق فى ذات اليوم ] .

لكن على فكرة مبدأ البيع من خلال البورصة موش لازم يجيب سعر كويس دايما ، وهو مبدأ خطير نتيجته على الأقل أن لم نكن لنسمع عن أية استحواذات أو اندماجات كالتى تحدث كثيرا فى الاقتصادات الكبرى ، وهى التى تصنع التاريخ ، وتكون القوة الرئيسة لتغيير وجه مستقبل القطاع التى تتم فيه . من خلال مضاعف السعر للربحية ( أقوى مؤشر للسعر العادل للبيع والشراء ، لكنه ليس الوحيد بالضرورة ) ، نقدر نقول أسعار الدلتا والسويس والأسكندرية عالية جدا ، سعر أبو قير عالى شوية ، قنا هو وحده السعر المظبوط . لكن الأخطر تماما هو من المشترى . كلهم إما مضاربين أو صغار مستثمرين ، أو حتى كبار مستثمرين ( بنك الاستثمار القومى هو الذى اشترى أسهم الأسكندرية للحديد والصلب [ وسيدى كرير وتنمية الصادرات ] ، [ واشترى بعض المساهمين الأصليين الكبار الآخرين فى بنك الدلتا نحو ثلاثة أرباع ما عرض من أسهمه من جانب الجهتين البائعتين ] ) . لكن فى النهاية هم مستثمرون ، بمعنى ليسوا رجال بيزنس ، وليسوا مهندسين ، بمعنى لن يديروا شيئا ، وليس لهم رأى فى شىء ، ولن يغيروا شيئا . هذا بينما المفروض أنت تبيع حصصا هائلة كهذه ، كى تأتى لكراسى مجلس الشركة بأناس لهم فكر ورؤية ونفوذ فى تطوير صناعات كالسكر والإسمنت والحديد فى مصر كالتى تم بيعها اليوم ، تطويرها وتقوية تنافسيتها ، أو دمجها من كبريات الشركات العالمية فى تخصصاتها ، بهدف اكتساب التقنية أو فتح الأسواق . وطبعا بالأخص لو بعت الحصة لشركة عالمية كبرى ناجحة وذات شأن فستضمن كل هذا بخبطة واحدة .

ببساطة اختار بنك الأسكندرية ( ومن ورائه ممالكته الحكومة التى يفترض فيها أنها موجه ذكى خفيف اليد للاقتصاد ، ترى الصورة الكاملة تبصر ما لا يبصره كل فى حقله الضيق ) ، اختاروا مبدأ خد الفلوس واجرى . خدعوا به جمهور البورصة الثيرانى الفقاعاتى الأحمق . وليمت من يمت طالما سيكون الموت بطيئا ، ولن يلحظه أخوان المجلس ولا يدخل فى اهتمامات صحافتنا المثيرة الجهبذ . لكن كما تعلم خفة اليد لها معنى آخر فى مصر .

نقدر دلوقت نقول : الطمى يا معارضة ، ولا برضه نقول صقفى ؟

اقرأ البيان الرسمى الصادر عن البورصة للتداولات الداخلية اليوم [ ويوم أول فبراير ] ] .

 

 17 فبراير 2006 : ما الذى يجرى فى أسواق الأسهم فى مصر والمنطقة ، بالذات التراجع الملفت فى السوق المصرية فى ختام جلسة أمس الخميس ، على الأقل بفرض أن ما يجرى فى أسواق الخليج شىء منطقى وطبيعى ومتوقع ؟

هل هو جنى أرباح ؟ هل هو تصحيح ؟ هل هو انهيار ؟ الإجابة بوضوح تام هى الثانية . لكن قبل هذا ما هى الظروف المحيطة ؟ هل تصحيحات أسواق الخليج الهائلة والتى طال تأخرها حتى تفحلت الأسعار فوق كل مدى ممكن للخيال ؟ هل انخفاض أسعار الپترول مع اقتراب موسم الشتاء ؟ هل رحلة هجرة واسعة للأموال الخليجية لشرق آسيا تاركة أسواقنا فى العراء تقريبا بلا سيولة ( ولعله سبب الارتفاع الطفيف لسعر الدولار فى الأيام الأخيرة ) ؟ هل الاكتتابات الكثيرة وما تتطلبه من تسييل أجزاء من محافظ الأفراد والمؤسسات ؟ هل تعثر مفاوضات التداول الحر مع الولايات المتحدة ؟ غرق العبارة ؟ فوز حماس بالانتخابات ؟ هل تأجيل الانتخابات المحلية خوفا من اكتساح إسلامى لها ؟ هل نفى صفقات اندماجات متوقعة لبنوك مصرية رئيسة ؟ هل يؤشر هذا لتعثر ما فى سياسة القضاء على ظاهرة العشوائيات فى قطاع البنوك ، بالذات بعد أصبح مجلس الشعب والصحافة الديماجوچية ( كما رأينا أعلى هذا مباشرة ) ، تدس أنفسها فى أشياء لا تفهم فيها من قريب ولا بعيد ؟ ثم هل ها هى أخيرا الطامة الكبرى صباح اليوم : إنفلونزا الطيور ؟

طبعا كلها أسباب مفجعة تدعو سوق الأسهم المصرية للتراجع ، لكن المذهل أن طوال العامين الماضيين كانت توجد أخبار ومؤشرات كهذه أو أكثر سوءا بكثير ، كهجمات إرهابية مثلا أو كهجمات أخوانية على مقاعد مجلس الشعب ، لكن السوق لم تكن تتأثر تأثرا يذكر . إذن بالذات منذ آخر جلستى تداول فى العام الماضى ثم طوال شهر يناير ، كانت أسعار السوق تستفحل على نحو ثيرانى ، بل وقل أصبح فقاعيا مع الثلث الأخير من يناير ، وباتت الأمور بالفعل فى حاجة لتصحيح .

نعم ، ما يحدث هو تصحيح . والتصحيح من الصح والصحة ، شىء جيد تماما . رغم كل الهبوطات لا تزال معظم الأسهم فوق أسعارها المنصفة . قليلة جدا هى الأسهم التى تستحق الشراء بناء على التحليل القاعدى ، وفى طليعتها أسهم المطاحن المغمورة ، وأسهم البنوك المظلومة . عدا ذلك فحتى يصل مثلا سعر شركة الأقطان الشهيرة جدا من 30 جنيها إلى جنيه واحد ، وسعر شركة الأقطان التالية فى الشهرة وهى بالمناسبة شركة خاسرة ، من 10 جنيهات إلى قرش واحد ، وحتى يهوى كل سهم يحمل اسم أوراسكوم لسعره الصحيح ( نحو نصف القيمة الحالية ) ، فما يحدث حتى الآن ليس انهيارا إنما تصحيح . أسعار الپترول غمرتنا بالمضاربين العرب ، واكتتاب الاتصالات غمرنا بسيولة قطيعية لا تعرف شيئا عن أى شىء ، والنتيجة للأسف ، ذلك التضخم السريع ، الذى ما أن بدأ يتصاعد ، حتى أخذ المرء منا يشعر بالانزعاج الشديد إن لم نقل يضع يده على قلبه ، إذ حتما ‑ولا فكاك ولا مفر‑ سنفقد آفاق ما اعتدناه من أرباح حثيثة معقولة وثابتة ، بل سنفقد بعضا مما جنيناه . والأسوا ليس فقط تلك الخسارة الجسيمة التى ستلحق بهؤلاء المستثمرين الصغار البائسين السذج الجدد الذين أفهمهم أحد ما أن البورصة تأخذ جنيها منك وتستنسخ منه 10 نسخ بآلة الاستنساخ الضوئى وتعيدها إليك ، أو حتى الخسارة الجسيمة للمستثمرين الجادين ، إنما الخسارة الكبرى حقا والمحتملة للاقتصاد ككل ولسمعته الاستثمارية .

( كلمة اعتراضية نتوقف فيها عند هؤلاء السذج ممن سمعوا عن البورصة لأول مرة ربما فى نفس الأسبوع . هؤلاء كنا ولا نزال نراهم ليس فقط على أرضيات شركات السمسرة عندنا ، إنما يوميا على شاشات القنوات الخليجية . يطالعوننا بابتسامة عريضة بلهاء ، ويعطيك النصيحة كما لو أنه قد اكتشف الفلسفة العميقة الكامنة وراء الكون . عادة ما يقول لك بثقة وقحة غبية : أنا اشترى ع الإشاعة وأبيع ع الخبر . وهذا ليس فقط بجهل مدقع فى الاقتصاد والبيزنس ، وليس بكارثة وخراقة ستبدد أموالنا كلنا فى لحظات ، إنما هو ليس حتى بصحيح فى حد ذاته . من خلال متابعتى الدقيقة نسبيا لما يسمى بأسهم المضاربة فى مصر ، اكتشفت أنك لو نفذت تلك النصيحة فستخسر لا محالة ، فهى بطبعها أسهم صغيرة ولا يمكن بيعها قبل مرور ثلاثة أيام ، وغالبا ما يكون السهم قد انهار لأقل مما كان عليه . وفى كل مرة مرة أرى فيها واحد من هؤلاء البلهاء أود لو كنت أميل عليه وأقول : اشترى قبل الإشاعة وبيع ع الخبر ! نعم ، ما لم تكن أنت مطلق الإشاعة واشتريت كل أسهمك سلفا ، فلن تربحك أية إشاعة أبدا ! ) .

تسألنى عن هيرمس التى سبق وزكيتها لك بشدة أعلاه . باختصار هيرمس هى البورصة والبورصة هى هيرمس . وطالما دخلت البورصة فى تصحيح عميق كهذا ، ومن ثم سوف تهدأ على المجرى المنظور بشأن الأسعار وأحجام التداولات ، فبنك الاستثمار لم يعد هو الاستثمار الأمثل . تزكيتنا المشار إليها كانت قبل أربعة شهور ، وهى فترة جرت فيها مياه كثيرة ، سواء فى مؤشر البورصة ككل ، أو بالأخص فى سعر هذا السهم تحديدا حيث كان بربع القيمة القصوى التى وصل لها فى شهرين أو أكثر بقليل بعد ذلك التاريخ ، وطبعا لا يمكن أن يحدث فى ميزانية أية شركة فى الدنيا فى شهرين ما يبرر مثل تلك الزيادة ( شخصيا توجست للغاية وللوهلة الأولى ‑أو قل تشاءمت‑ من أرباح يناير الفاحشة ، ولم اعتبرها من حقى أبدا ) . هيرمس لم تعد بالاسم ذى المستقبل الواعد ، نعم هى أفضل سهم حين تكون السوق صاعدة ، لكنها أسوأ سهم حين تكون هابطة . ثم لعلى أتجرأ وأضيف أن أقل ما يمكن أن يقال بخصوص استثماراتها الأخيرة فى لبنان ‑ومع الإقرار بأن البنوك اللبنانية هى تاريخيا من الأفضل فى المنطقة‑ أنها استثمارات غير مفهومة . وكذا أضيف أن دخولها بيزنس التداول فى الخليج هو شىء جاء متأخرا جدا ولن يعود سوى بالخسارة ، فهذه الأسواق تستحق عليها الآن عبارة فيلم ’ العصفور ‘ بتاع الحرب ’ خلصت ولع ! ‘ ، وكمان بيقولوها زيها بالظبط 200604/dining/05leav.html باليهودى It's Passover, Lighten up! . فالحقيقة أن المطلوب الآن أن تبدأ البنوك الاستثمارية فى تخفيض رءوس أموالها ، وليس تدشين اكتتابين كاملين جديدين متزامنين لزيادة رأس المال كما تفعل هيرمس بنفسها حاليا . هذا ليس قدحا فى الشركة ، بالعكس هى كما قلنا دخلت التاريخ بالفعل ، وأنجرت المهمة التاريخية فى توريق رأس المال القومى وتأسيس ركائز البنية التحتية للسوق الحرة . إنما نقول إننا ككل بصدد مرحلة استثمارية جديدة ، مرحلة نضج . ولحسن الحظ أن دخلتها السوق المصرية مبكرا نسبيا ، ولم تغرق كما معظم الأسواق الخليجية فى ’ الورقية ‘ حيث الشركات الصناعية نفسها تستثمر فى ورق الغير ، وتقريبا لا شىء ملموس على الأرض ، ومن ثم لم تنتفخ الفقاعة عندنا للجحم الذى يجعلها تدمر كل شىء حين تنفجر ( طبعا فى وجه من ينفخها ، من غيره ؟ ! ) .

اليوم يجب أن تبنى قرارات الاستثمار على الأسس القاعدية المحضة فقط تقريبا . عليك أن تبحث عن أرخص الأسهم بمعنى الأسهم الأقل من حيث سعر السهم إلى العائد P/E Ratio ، أو ما يسمى بالعربية عادة مكرر الربحية . فى أميركا وما شابهها من الأسواق العريقة ، الكل كما قلنا أيضا ، محصور تقريبا ما بين رقمى 13 و14 على نحو مذهل الصرامة ، رغم أنها فى الحقيقة لا يجب أن تكون المعيار الوحيد ، فهناك آفاق السوق وآفاق القطاع ككل ، وهناك الخطط الاستثمارية والمستقبلية للشركة المحددة ، وهناك بالطبع الحاجة لمزيد من التعمق فى ميزانية هذه الشركة ، تلقى نظرة على الأصول وتستكشف أرقام الاحتياطى … إلخ . لكن الأمر ‑أقصد فى أميركا‑ يدلك كيف هؤلاء الناس معتصمون لأبعد مدى بالسعر الحقيقى للسهم ، سعر اللحظة وليس حتى سعر ما بعد شهر أو حتى أسبوع . أما عندنا فهذه النسب باتت فلكية ( أو سمها خليجية ! ) لكثير من الأسهم . ولم تعد سوى قلة قليلة فقط تستحق الشراء ، فى طليعتها كما ذكرنا أسهم المطاحن وهى بملاليم حسب الوصف المصرى الدارج ، ومنها أيضا جميع البنوك الكبيرة والناجحة . وحتى لو دارت أسعار هذه الأخيرة حول الرقمين المذكورين أو فوقهما بقليل ، فهى لا تزال مجازا تستحق الشراء من منظور شراء المستقبل . فلا شك أن ثمة هجرة ضخمة تحدث الآن أو ستسارع قريبا ، للأموال من سوق المال والبنوك الاستثمارية لخزائن البنوك التجارية ، أى تلك البنوك العادية التى يفترض فيها أن فقط تقترض وتقرض ولا تستثمر .

نعم ، صحيح أن كان من المستحيل أن يشتغل أى أحد على التحليل القاعدى وحده فى الفترة الماضية ، وبالطبع لا يمكنك أن تمنع أحدا من الجرى وراء الأرباح السريعة . لكن فى النهاية يجب أن نعلم من اللحظة الأولى أن البورصة لا تطبع نقودا ولا تطبع أى شىء ، وأنك حين تشترى سهما أغلى من قيمته الحقيقية فأنت كمن يشترى سيارة مسروقة وسوف تضبط بها حتما يوما ما ، تؤخذ منك وتذهب أنت للسجن ، أقصد للمصحة النفسية . وظيفة البورصة أن تأخذ السهم من فلان وتعطيه لعلان ، وكل ما يحدث طوال الوقت يحدث هو أن أناسا يتبادلون المراكز فيما بين بعضهم البعض ، الأذكى والأكثر خبرة وعلما ومعلوماتا وبذلا للجهد ، وربما الأهم الأقوى أعصابا ، يأخذ يستولى على نقود الأغبى والأجهل والأكسل . كلاهما إما بشرف وصراع عقليات كالبورصات الكبيرة الناضجة المحترمة ، وإما بالضحك على ذقون بعضنا البعض بالتمنيات والأحلام إن لم نقل بالكذب والإشاعات ، أو بالأحرى بضحك كل واحد منا على نفسه ، ذلك كما فى أسواقنا المسماة بالبازغة emerging ( هل لفظ مهذب لمتخلفة ؟ ) . لكن ببساطة حين تصبح السوق فقاعية كل ما يحدث هو أن الكل يبيع للكل بضاعة مغشوشة أو مسروقة ، وتقترب بشدة ساعة الحساب ( بالمصطلح الدينى لو أنت متدين ) ، حيث هى شئت أم أبيت ساعة محتومة . هذه القارعة تقع حين يبدأ شخص ما فى إرهاق عينيه بقراءة ميزانيات الشركات ، ويكون ذا وزن بحيث يسمع منه الباقون ما يقول حين يقوله ، ويقول : كفى ! فلتسقط سيكولوچية القطيع ! أنا لن أشترى بضاعة بأغلى من سعرها الحقيقى بعد اليوم !

إذن ما يحدث الآن ليس جنى أرباح ، فأغلب الناس تخسر ولم تكن قد حققت أرباحا أصلا ، وكل ما فعلته أن اشترت بأسعار باهظة ، سمه جنى خسائر لو شئت ! فى المقابل ما يحدث أيضا ليس انهيارا . الانهيار هو أن تهرول الناس لبيع الأسهم بأقل من سعرها الحقيقى ، بينما معظم الأسهم لا تزال حتى اللحظة أغلى من قيمتها المنصفة ، كذلك لا توجد تلك الهرولة المميزة للانهيار فعادة لا تزال أحجام التداول اليومى ضئيلة للغاية . ما يحدث هو الشىء الوسط بين الاثنين ، ذلك الشى المسمى تصحيحا ، أى إعادة الأسعار لقيمها الصحيحة ، لا أكثر ولا أقل . والتصحيح بحكم التعريف شىء ’ صحى ‘ و’ صحيح ‘ للاقتصاد ككل ، وأيضا لأرباح كل منا على المجرى البعيد . وما ننتظره هو شيئان : هذه سوق رفعت المؤسسات يدها منها ( على الأقل لأن الناس تبيع أفواجا أيضا ما تملكه من وثائق صناديق الاستثمار ) ، سوق هجرتها الأموال العربية والعالمية بين ليلة وضحاها ، وليس المطلوب منك أن تهاجر أنت أيضا . المطلوب والمنتظر أن تعكف على بعض القراءة ( البورصة تطبع دوريا كتابا يسمى كتاب الإفصاح به المعلومات القاعدية على أبرز الشركات أو ما يسمى بالسوق السائلة وهى فى مصر 50 شركة مختارة ) ، وثانيا المطلوب والمنتظر أن تعود المؤسسات لا كمجرد مضارب يومى جشع كما عودتنا ، إنما كمستثمر حقيقى طويل الأجل long term investor ، مستثمر تقدر مدده الاستثمارية بالسنوات وليس حتى بالشهور ، ناهيك عن الدقائق !

تبقى كلمة أخيرة أو سمها تحذيرا واردا : لو حدث ولم توجد تلك المؤسسات القوية القادرة على شراء الأسهم عند أسعارها العادلة ، فإن ما سوف نراه هو انزلاق بطئ ممل وطويل المجرى للأسعار ، ربما تتدنى فيه لما دون مكرر ربح 5 أو حتى أقل . عامة نخشى القول إن هذا هو السيناريو الأرجح لعدة سنوات قادمة ! اكتب رأيك هنا

[ تحديث : 2 مارس 2006 : ما حدث اليوم بدءا من الساعة الثانية أو قبلها بدقائق قليلة فى سوق الأسهم المصرية ، هى بداية مصداق لما قلناه أو طالبنا به . فى هذا اليوم الخاسر جدا ككل ، فجأة قفزت وتراصت أسهم البنوك الكبرى لتحتل كل مقاعد الطليعة فى قائمة الأسهم الرابحة وهى ليست بكبيرة العدد ، وفى نفس اللحظة وبنفس الفجائية بزغ سهم هيرمس قويا فى صدارة قائمة الخاسرين الطويلة جدا .

نعم هذه لحظة انقلاب تاريخية ! أصبحت البنوك التجارية هى نجوم المستقبل ، وبدأت البنوك الاستثمارية عصر الأفول . الأولى لأن أسهمها كانت مغمورة ومظلومة طيلة العامين السابقين ومقومة بأقل من قيمها الحقيقية بكثير ، والثانية ‑ومع كل الاحترام‑ لأن ببساطة الفقاعة انفجرت !

ثانيا مع مراعاة أن أحجام التداول هذه المرة ليست صغيرة جدا كما كل الأيام الأخيرة ، يمكننا استنتاج أن ها هى المؤسسات قد عادت ، ليس كمضاربين يوميين جشعين كما عودونا فى الشهور الأخيرة ، إنما كمستثمرين محترمين . عادت على أسس جد صحيحة هذه المرة ، أسس من التحليل القاعدى ، والتحليل القاعدى فقط ( الكبار حقا ‑كما ضربنا المثل بوارين بافيت أعلاه‑ لا ينظرون أصلا لحركة السوق ولا لما يسمى التحليل التقانى ، يحددون أن هذا هو السهم الملائم وينزلون بطلبية مغرية تشترى كل الأسهم فى لحظة ) .

ثالثا يمكنك أيضا القول إن الساعة 01:53 مساء اليوم انظر الأچندة ( أو نحوها بقليل فى حدود رصدى ) ، هى لحظة ميلاد جديد للسوق المصرية ، نأمل أن نشتغل جميعا فيها وعليها ، بأسس من العلم والاقتصاد . نحصل على أرباح معقولة لكن مستدامة ، بلا جشع ولا غباء ولا تهبيل قطعان الماشية . ربما لن تشترى قصرا فى القاهرة الجديدة كما وعدناك ، وبالذات وأن تعافى الاقتصاد العالمى دخل الآن عامه الرابع ، وعلينا أن نتحسب للكساد أكثر مما نترصد للصعود . لكننا فى كل الأحوال لا نريد أن نحصل على أكثر من حقنا من أى قرار استثمارى ، نصيبنا المنصف من رأسمال شركتنا الحبيبة الحقيقى ، وطبعا يجب أن نكف عن سرقة بعضنا البعض عبر تداول البضائع المغشوشة !

وإلى اللقاء مع الفقاعة التالية … بعد 7 أو 10 سنوات ! ] .

[ تحديث : 14 مارس 2006 : ما الذى جرى فى البورصة المصرية اليوم ؟ هل ملامح انهيار واضحة ؟ ولماذا أوقف التداول لكامل السوق لأول مرة فيما تعيه الذاكرة ؟ ولماذا عادت الأسهم الجيدة لتختم الجلسة التاريخية بأعلى مما كانت عليه بالأمس ؟

ما حدث كان شيئا رائعا بكل المقاييس ، نلخصه لك فى الموقف التالى : السفينة لن تطفو ثانية قبل التخلص من الأوزان الزائدة ، وفيما يلى بيان الأوزان الزائدة :

1- وبكل أسف : هيرمس الذى انقلب من أعظم سهم إلى أسوأ سهم بين ليلة وضحاها ، ليس لعيب فى الشركة ولا فى إدارتها ، إنما لأن العصر أصبح غير العصر ، تغير المنحى trend ، وبنك الاستثمار وظيفته أن يربح فى حال صعود السوق ويخسر ‑على الأقل مؤقتا‑ فى حال هبوطها . الوزن الزائد ، ولا تجزع مما سنقول ، ولن نغير رأينا حتى لحظة يتأكد فيها أن السوق عادت للصعود القوى من جديد ، الوزن الزائد هو : كل ما هو فوق الأربعة جنيهات للسهم !

2- أسهم الأقطان ، ألمع نجوم عصر المضاربات الزائفة لعام 2005 ، وصعودها الهائل كان ‑وعلى العكس من صعود هيرمس‑ غير مبرر بالمرة . الأوزان الزائدة هى ما يلى : العربية كل ما فوق الجنيه ( أو الخمسين قرشا بعد الاكتتاب الوشيك ) ، النيل كل ما فوق القرش الواحد ، پولڤارا كل ما فوق الجنيه ، كابو كل ما فوق الجنيهين ( أو السبعة قروش بعد التقسيم الوشيك للأسهم ) .

3- أسهم شركات الإسكان ، نالها من خيرات عصر المضاربة آخر أسابيع فيه ، وتقريبا تحتاج الآن لتخسيس 75-90 0/0 من وزنها . ذات الحال بالنسبة لمدينة الإنتاج الإعلامى ( لا تساوى أكثر من جنيه للسهم ، واسألنى أنا ! ) .

4- القابضة الكويتية شركة قابضة أخرى بل تقارب هيرمس من حيث الضخامة وكانت إحدى نجوم المضاربة فى الشهرين الأخيرين ، وتحتاج لتخسيس ثلاثة أرباع الوزن لتصبح دولارا واحدا للسهم .

5- تصحيحات ملموسة ما بين 20-25 0/0 للأسهم الشهيرة الكبرى ونقصد بالذات الأسهم المختلفة لمجموعتى أوراسكوم والعز وكذا النساجون الشرقيون . بالطبع هى شركات أرقامها جيدة ، لكن المشكلة أن سمعتها أجود وأجود ، وقليل من من التصحيح لن يضر أحدا .

[ فى اليوم التالى أعلنت كل من أوراسكوم تليكوم وهيرمس أنها ستشترى كميات من أسهمها ( لتصبح ما يسمى بأسهم خزينة ) ، ذلك كى تمنع أسعارها من الهبوط . قانونا هذا لا غبار عليه ، إلا بالطبع لو عادت وباعتها فى وقت قصير فيصبح الأمر مضاربة . من حق أية شركة أن تتخذ قرارا استثماريا من هذا النوع إذا كانت ترى سهمها يتداول بأقل من قيمته العادلة ، ولا أفضل من أن تعيد نفسها تملك هذه الأسهم . لكن السؤال المبدئى هو : عن أى سعر عادل يتحدثون ؟ ما نخشاه بالنسبة لهيرمس أن تكون قد بالغت فى تقدير أفقها المستقبلى بعد انتهاء الفقاعة أو السوق الثيرانى سمها ما شئت ، وما نخشاه بالنسبة لأوراسكوم ، أن يكون هذا دورة أخرى للطاحونة من ذلك الشىء الأثير الذى لا يجيد آل ساويرس شيئا أفضل منه : الدعاية للذات ! أما السؤال الحقيقى : أليست هذه نكتة ؟ هيرمس تشترى أسهم خرينة الذى هو تخفيض لرأس المال فى نفس الوقت الذى تعلن اكتتابا ثنائى وربما ثلاثى المراحل هائل الأرقام . أوراسكوم تيليكوم مدينة بالبلايين للبنوك وغيرها ، وفى نفس الوقت تشترى أسهم خزينة . هل أصبحت الشركات تقترض وتدفع فوائد من أجل أن تخفض رأس مالها ؟ عجبى ! بصراحة أنا أقرف من الشركة التى تهتم أصلا بسعر سهمها فى السوق . هذه ليست وظيفتها بالمرة ، وعليها أن تركز على نشاطها التشغيلى البيزنسى الأصلى وليس على علاقات المستثمرين ! ] .

الرائع فيما حدث اليوم فى البورصة ، أن أصدر مجدى شوقى سوريال رئيس مجلس إدارتها ، قرارا فى الثانية عشرة و38 دقيقة بوقف التداول ككل لمدة نصف ساعة . هذا جاء فى لحظة كانت فيها معظم الأسهم المذكورة أعلاه خارج اللعبة ، لا سيما هيرمس والقطنيات والإسكانيات ، أى حصلت بالفعل على كارت أحمر نهائى ولن تعود مع استئناف المباراة . والبقية مما سبق ذكرها أفلتت بالكاد فقد كانت قد تخطت بالفعل حاجز الـ 10 0/0 ، وأنقذها من وصول خط العشرين جرس الحلبة الذى أعلن الاستراحة . لقد أطاحت الساعة الأولى بمعظم الأسهم المبالغ فيها سعريا إلى خارج التداول حتى آخر اليوم ، وتركها فى العراء حتى الغد بنسب تصحيح أكبر من الحدود القصوى المسموح بها وهى 20 0/0 ، وهذا معروف كبير لصالح لسوق لا يمكن أن ينكره أحد ، إلا من كان له بقية من بكاء على أطلال أيام المضاربات على أسهم وهمية .

حينئذ ، أى خلال الاستراحة ، سرت إشاعة بل وأذيع الأمر على ألسنة البعض فى قنوات الساتيلايت ، أن تعليمات قد صدرت لصناديق الاستثمار بالبنوك بالشراء . هذا مبدئيا ليس صحيحا ، ولا توجد ‑ولا يجب أن توجد‑ أوامر من هذا النوع ، حتى لو تظاهرت مصر كلها فى شارع البورصة الجديدة تقليدا للخليجيين الذى حين يكسبون يقولون حمدا وتسبيحا لحرية السوق ولا يسألون عن وجه أحد ، وحين يخسرون ينقلبون اشتراكيين ينادون بتدخل الدولة . ثانيا هو ليس صحيحا لأن أحجام التداول ليست ضخمة بما يكفى للتأشير لموجات شراء كبيرة . التداول الكلى كان نحو 2 بليون جنيها ، أكثر من ربعها ذهب فى صفقة بنك القاهرة الشرق الأقصى وحدها ، ثم أن الأحجام مقسمة ما بين تلك التى هبطت بها السوق وتحديدا أسهمها الرديئة قبل تعليق التداول ، وتلك التى صعدت بها بقيتها الجيدة بعد رجوعه [ فى اليوم التالى أصدرت إدارة البورصة بيانا رسميا يحدد جنسيات المتعاملين ويكشف أن صرعة بيع عربية هى التى ادت للانهيار الصباحى بل وواصلت البيع أيضا خلال فترة التعافى ، بينما المصريون والغربيون كانوا فى كفة المشترين طوال الوقت ] . ثالثا حتى لو كان ذلك التدخل من جانب المؤسسات قد تم فعلا جزئيا ، بمعنى أنه وارد بناء على قرارات يومية عادية لمديرى المحافظ ، فهو وكالمنتظر منه قد أسهم فى تعافى الأسهم الممتازة ، بمعنى التى ’ تمنها فيها ‘ ومكررات ربحها تدنت لنحو رقم 5 فى الأيام الأخيرة ، أو الموثوقة للغاية رغم بعض الغلو فى أسعارها مثل أسهم أوراسكوم والبنوك الكبرى ، وهى أسهم لم يحدث قط أن اشتكى قابضوها من هبوط سعرها ، حتى يبحثوا عن أحد يرضيهم أو يخفف لوعتهم .

عامة نقول لقد كانت إشاعة حسنة النية ، ولا بأس بها بالمرة . وإذا كان من حديث عن نظرية المؤامرة ، قد نقول إن كل ما تم ‑أى المسرحية بفصليها قبل وبعد الاستراحة معا‑ هو المؤامرة . مؤامرة دبرها من يسعى لتصحيح السوق ، للتخلص من كل الأوزان الزائدة ، لإخراج الأسهم البالية junk إلى خارج آلية التعافى حتى النفسى منه ، بتركتها السوق حتى الغد بصقيع مستويات اقفالها المتدنية جدا التى أدى إليها انهيار الساعة الأولى ، ثم بعد ذلك إعادة التداول والثقة فقط للأسهم التى تستحق .

يبقى سؤال : هل التعافى الأخير فى محله ؟ الإجابة نعم بتحفظ . نعم لأنه جرى على أسهم تستحق التعافى على المجرى البعيد ، وغير جيد لأن الأفضل منه أن كان يتم مثلا بنصف فقط من قيم الارتداد لأعلى التى رأيناها . كان هذا سيسرع من وتيرة الإجرائية التصحيحية للسوق ككل . ثم لا يجب أن ننسى أن لا يزال لدينا بعد ، كم هائل من الأوزان الزائدة لم نتخلص منه بعد ، على الأقل فى أسهم هيرمس والعربية والكويتية . وكنا نتمنى أن نشهد كدلائل على النضج أن تكف السوق عن سيكولوچية القطيع ، الكل يهبط معا والكل يصعد معا ( مع اعترافنا وتقديرنا وسعادتنا بتفاوت النسب وبأن ما يستحق الهبوط حقا لا يعاود الصعود بكل ما هبط به على عكس الأسهم التى لا تستحق الهبوط أصلا ) . وكنا نأمل أن نفيق صباح الغد ‑كما يحدث فى كل الدنيا‑ على أسهم تهبط بوضوح وأخرى تصعد بوضوح ، جميعها فقط بناء على أسس علمية واضحة أو على الأقل مبررة ومفهومة .

عامة مرة أخرى ما حدث اليوم شىء رائع مهما يكن من أمر . ومرة أخرى تحليلنا المستقبلى هو الانزلاق البطئ لقاع البحيرة ، الانزلاق لموات أفقى قد يدوم لسنوات لسوق خلت من معظم سيولتها ويصعب إرجاعها قبل أن تزول ذكرياتها المؤلمة من أذهان القطيع ، أو ‑حسنا‑ لا يعود القطيع بعد قطيعا . ولو حدث وشاهدنا شيئا يناقض ذلك التوقع فلن يكون على الأرجح إلا من قبيل ما يسمونه حلاوة الروح ! ] .

[ تحديث : 19 مارس 2006 : ما حدث اليوم يؤشر لنقطة مفصلية سيتحدد كل شىء بناء عليها فى الأيام القادمة . اليوم كان أول يوم يتلو الحق فى اكتتاب أسهم زيادة رأس المال لشركة العربية لحليج الأقطان . المفروض أن كل الحدود السعرية متحركة أى مرفوعة بالكامل اليوم وأربعة أيام أخرى . بمعنى أنه يمكن للسهم أن يتداول من قرش إلى مليون جنيه دون أن يوقفه أحد ، ولا يقول له أنت رايح فين . نضيف استكمالا لصورة المعطيات ، إن لم تكن فى الصورة عبر الشهور الماضية ، أن سهم العربية هذا هو نجم المضاربات الأول فى مصر . الشركة شبه خاسرة حققت 10 ملايين جنيها ربحا فى العام الماضى ، وهو رقم رمزى ، ومن فى مثل هذه الشركات ويعرفون تقاليدها ، وأنا كنت منهم يوما ، يعلمون أن غالبا ما تتم كتابة ربح رمزى فقط ’ لأسباب سياسية ‘ ، أى حتى يحصل الشغيلة على الحوافز والأرباح ، ولا تنشب ثورات وما إليها . ثانيا ومن قبيل العلم بالشىء أيضا أن السوق تمر حاليا بمرحلة تصحيح قوية ، والعربية كان من الأسهم بارزة الخسارة ، لكن مع ذلك لا يزال مكرر الربحية له حتى هذا الصباح فوق المائة وعشرين ، بينما مثلا لشركة مثل إسمنت طرة حققت أكثر من ثلاثة أرباع البليون ربحا هو دون رقم 5 !

هذه المعطيات تقول إن سهم العربية سيبيع إن لم عند نصف الجنيه وهو الرقم الذى يستحق ، فلنقل سيتداول عند خمسة أو ستة جنيهات هى سعر سهم زيادة رأس المال ، وأن التداول سيتم بقوة عليه حتى يتخلص المساكين من قابضيه منه . هذا هو الشىء المنطقى المتوقع ، إلا أن مفاجأة كبرى حدثت : أحد ما ‑ولا نعرف من‑ سرب خبرا للصحف مفاده أن الشركة بصدد تأسيس شركة قابضة مع شركة مالية سعودية إماراتية . فهمت إدارة البورصة اللعبة ، وأعلنت وقف أى تداول على السهم حتى تتبين الحقائق . جاءت ’ الحقائق ‘ بأن ’ المفاوضات جارية ‘ . إدارة البورصة فى وضع بائس بالفعل ، سمحت ببدء التداول ثم أوقفته بعد دقائق عندما وصل نحو 9 جنيهات ، وكما قلنا ليس هناك سعر يقاس الأمر عليه ، فاليوم كل الحدود السعرية قد حركت . بعد نصف ساعة عاد التداول من جديد وارتفع السعر لنحو 11 جنيها وأوقف التداول بعد دقائق قليلة أخرى حتى نهاية الجلسة . قطعا لا توجد مبررات سعرية للإيقافين الثانى والثالث ، ولو دققت لن تفهم شيئا هل اعتبروا السعر صاعدا أم هابطا فى المرة الأولى لا أحد يعلم ، وبالتاكيد هو صاعد فى المرة الثانية . لو قلت إن البورصة تعاملت مع سعر إقفال يوم الخميس وهو نحو 12 جنيها ، فالتداول الأول كان كافيا للوقف حتى نهاية الجلسة من المرة الأولى . ولو قلت إن البورصة قد تعاملت مع ما يسمى السعر النظرى الذى هو وارد فى حال عدم التداول بالمرة على أسهم الشركة طيلة الأيام الحمسة ، فيكون سعر الافتتاح فى هذه الحالة هو ما يلى : 12 الذى هو أقفال الجلسة الماضية + 6 تكلفة سهم الاكتتاب مقسومين معا على 2 ، أى 9 جنيهات ، وهنا ستجد أيضا أن إيقافات التداول غير مفهومة ، فالتإيقاف الأول جاء عند سعر 9 هذا عينه لا أكثر منه ولا أقل .

ما فهمناه فى الحقيقة شىء آخر تماما ، وسنقدمه لك كتفسير لما حدث . إنه حرب إرادات بين إدارة البورصة وربما معها أيضا هيئة سوق المال ، ضد كبار المضاربين الذين هم عرب خليجيون بالأساس من قابضى أسهم هذه الشركة ( ولعبة المضاربة الكبيرة كما لعلك تعلم ، تحتاج لمئات الملايين تشترى بها معظم المتاح من أسهم شركة ضخمة كالعربية ، ثم تستخدم لنقل عشر الكمية فى سلسلة من عمليات البيع فالشراء الخاسرة ، لكنها من الكبر بما يكفى للتأثير الفعلى على سعر السهم بالصعود المستمر السريع من خلال جذب القطيع للتدافع للشراء بأى سعر ، ومن ثم تتحول بالتالى قيمة الـ 90 0/0 الباقية لأرقام فلكية . وطبعا لا تبدأ بيعها إلا بالتدريج وبعد وصول الأمور للذروة ، ولا يزال القطيع مستعدا بعد لدفع ثمن الجواهر لمجرد علبة خاوية داخلها من أى شىء ! ) .

الشركة التى قيل أن ’ العربية ‘ تتفاوض معها ، شركة مغمورة إن لم نقل مصطنعة ، والأرجح أن أصحابها هم أنفسهم قابضو سهم العربية الكبار . لكن الأهم من هذا كله ، هو مجرد تسريب الخبر فى حد ذاته ولا شىء أكثر . اليوم يوم حاسم ومفصلى لكل البورصة ، وهم ضمنوا أن السهم لن يهوى ، معولين على سمعته السابقة كسهم مضاربة يصعد بسرعة الصاروخ . البورصة تعلم أن سهم العربية أشبه بورم سرطانى داخلها ، ما لم يتم استئصاله فسوف يقتلها كلها . صحيح ليس هو السهم الوحيد ذو المكرر الربحى الفاحش ، لكنه الوحيد الذى يخص شركة ضخمة . فبلايين من سيولة السوق هى أموال دفعها أناس بسطاء أو أشرار سواء بسواء ، فى هذه السمكة النتنة أو التفاحة المعطوبة أو السيارة المسروقة أو شبهها أنت بما شئت . إدارة البورصة ومعها المستثمرون الجادون وصناديق الاستثمار نظيفة اليد ، تعلم أنه ما لم يتم التخلص من الأسعار الفائقة لهذا السهم ، فلن تقوم للبورصة قائمة على أسس علمية أبدا . فى المقابل هناك عقلية الخداع التى يلجأ لها العقل العربى التقليدى ( هل تذكر كلامنا أعلاه عن الاقتصاد الإسلامى كاقتصاد ’ قذر ‘ ) ، ومن أفحش مظاهر عقلية قاطع الطريق الفهلوى المنتمى للعرق السامى ( كلام استهلكناه حتى النخاع منذ فجر صفحة الثقافة والقرف يمنعنا من الإفاضه فيه من جديد ) ، من أفحشه ما قيل اليوم أن السماح للمقيمين الأجانب بالمملكة السعودية بالتداول على الأسهم مباشرة لن يشمل الطروحات العمومية الأولية IPOs ، وهى الشىء الذى ينظر إليه تقليديا عندهم كمصدر لربح سريع مضمون ( الحتة الطرية كما يقال ) . وكأن كل المقصود هو البحث عن ضحية جديد يتم ’ تلبيس ‘ الأسهم بأسعارها العالية له ، ولا شىء أكثر من هذا ولحسن الحظ حققت السوق السعودية هبوطا بالحدود القصوى مرة أخرى صباح اليوم ، وكأن كل ما قاله الملك عبد الله والأمير الوليد بن طلال ، لم ينطل على أحد للدرجة التى تعيد الثقة لسوق ورقية بالكامل تقريبا ، بل ورقية تحديدا من النوع المكرمش العطن المهترئ !

( ربما الأفضل من ’ تلبيس ‘ هو ’ تدبيس ‘ إن استلهمنا اسم أحد أشهر المحللين التليڤزيونيين زياد الدباس ، المتفاءل دائما أبدا رغم أن وظيفته التى تقال لنا هى أنه مستشار لبنك أبو ظبى الوطنى . وكبنك تجارى المنطق يقول إنه لا يجب إلا أن يكون دائما أبدا شديد الحذر حين يأتى الكلام لسوق الأسهم ، لكنها كما نقول علة الاقتصاد الإسلامى ’ القذر ‘ ، الذى يجعل المحللين التليڤزيون لا ينطقون سوى كلمة واحدة كل يوم ’ الأسعار مغرية جدا للشراء ‘ ، ولم يحدث ولو مرة واحدة أن سمعنا واحدا منهم يقول لجمهوره عليكم الآن ببيع الأسهم التى اشتريتمونها بناء على نصيحتى اليومية الممتدة بطول العمر !

ثم هل لاحظت أيضا أنهم لا يستخدمون كلمة هبوط أبدا . يستخدمون كلمة ’ تذبذب ‘ ، بينما لغويا التذبذب يعنى تذبذب ، والهبوط يعنى هبوط !

( هذا المدخل كان قد استطرد هنا فى الحديث عن الحملة الشرسة التى تشن فى الإعلام على البنوك التجارية فى المملكة السعودية ، وراحت تحملها مسئولية إنهيار البورصة . وأغرقنا فى الكلام عن الاقتصاد الإسلامى باعتباره اقتصادا ’ قذرا ‘ ، وعدنا بالذاكرة لسوق المناخ وللريان والسعد ، ولقصة أم أحمد زوجة البواب مع الشيخ الملتحى قصير الجلباب صاحب متجر البقالة المجاور … إلخ . وطيف أن القذارة شىء أصيل وجوهرى فى اقتصاد قائم على البركة ويرفض العلم والمنطق ، صاغه أحد بدو جزيرة العرب قبل 14 قرنا . وكما قلنا ’ قذر ‘ هذه مصطلح علمى وليست شتيمة . على أننا لاحقا رأينا تجميع كل تلك المداخل التى تحدثت عن الاقتصاد الإسلامى ، وضمها فى مدخل واحد فى صفحة السياسة ، فإلى هناك ) .

أيضا إليك خبرتى بالطروحات الأولية إن لم تكن قد جربتها . هى ’ الحتة الطرية ‘ فقط لمن لا خبرة له بالأسهم . أنا لم أشترك بها قط سوى مرة واحدة . دائما البقاء مع البورصة الصاعدة أربح بكثير من الاكتتاب والحصول على نسبة قليلة جدا من الأسهم نظير تجميد كمية ضخمة من المال . ذلك الاستثناء كان اكتتاب المصرية للاتصالات ، وكان تقديرى ‑وتقدير كل أحد فى الواقع‑ أن لا اكتتاب حدث بمثل هذا الحجم أبدا فى مصر ، وهو يتطلب أموالا سائلة من عموم الناس من فئة التسعة أصفار ، وأن نسبة التخصيص ستكون النصف أو الثلث فى أسوأ الحالات . ما حدث أن كان تحت البلاطة ‑نعم بالكامل تقريبا من تحت البلاطة وليس حتى من البنوك ‑ بلايين أكثر بكثير مما تخيل أحد . كان المطلوب بليونا فجاءت عشرة ، وصارت نسبة التخصيص واحد من عشرة . نعم ظفرنا بأسهم لشركة جيدة ، ربحنا سواء بعناها أو احتفظنا بها . لكن هناك ما يسمى بالفرصة الضائعة ، فالربح كان أكبر بكثير فى سوق كالقطيع تصعد كل أسهمها معا وتهبط كلها معا ، لمجرد ’ خبر ‘ عن شركة .

نعم أقصد ’ خبر ‘ وليس حتى ’ خبر جيد ‘ . فى أرضيات قاعات التداول تسمع الجمهور يقول ’ دى عليها خبر ‘ . والحقيقة قد يكون الخبر سيئا ، كأن تكون الأرباح أقل ، أو كأن تكون ستشترى شركة أخرى ولن تحقق ربحا لسنوات ، أو تكون أعلنت اكتتابا لكن لا يجرؤ أحد على سؤالها هل ذهبت للبنوك أولا للاقتراض ، ناهيك عن أن يسألها لماذا رفضت البنوك تقديم القرض . لكن حسب المثل المصرى ’ كله عند العرب خبر ‘ ، وترتفع أسعار لا أسهم هذه الشركة فقط ، بل أسعار كل الأسهم ! ) .

نحن إذن فى مصر بصدد حرب رفعت فيها كل الأقنعة ، بين من يريدون سوقا صحية ناضجة وبين من يريدونها ساحة للنصب يستدرجون المزيد من الغلابة إليها كل يوم ليبعوا لهم سلعا فاسدة ، ثم يتركونهم فى العراء بها يوما ، ولا محالة . الوقت مبكر لأن نعطيك نبوءة ما عن ماهية المنتصر .

نعم حرية الأسواق قدس أقداس لا يجب أن يمس . لكن من حرية هيئة سوق المال ، من حقها بل قل من واجبها ، أن تحمى حرية السوق أصلا ، فاللا شفافية والتسريب المتعمد لأخبار زائفة أو لا قيمة لها أو الردود الوقحة التى تعرف الماء بالماء من قبيل ’ المفاوضات جارية ‘ ، هى كلها استلاب فاحش لحرية كل المتداولين .

اقتراحى المتواضع أن تصدر هيئة سوق المال صباح كل يوم بيانا عبر الإعلام الواسع يحدد المكررات الربحية العشرة الأعلى فى السوق والعشرة الأدنى . طبعا هذا مع علم كل مختص أن مكرر الربحية ليس المعيار الفيصل ، وأنه فقط المؤشر الأسرع أو مؤشر الوهلة الأولى لحقيقة الموقف المالى للشركة ، وما يجب فعله بعد ذلك من تمحيص للميزانية ، وأرقام الاحتياطيات ، وصلادة الأصول ، وكذا المشروعات المستقبلية وآفاق القطاع ككل والاقتصاد ككل والاقتصاد العالمى ككل ، حتى المعايير المحاسبية نفسها لها بعض التأثير ، حتى أسس تحديد نسب الإهلاك depreciation ، كلها … إلخ … إلخ ذات تأثير ما ، لكنها عامة أو لحد ما تظل مجرد تدقيقات ثانوية هنا وهناك لذلك المؤشر الكبير . والمستثمر البسيط قد لا يكون فى حاجة أو أهلية كبيرتين لتلك التفاصيل الصعبة ، وهو شبه الجاهل أصلا بكل شىء الآن . لذا لعله يكفيه على الأقل حاليا السماع عن شىء اسمه مكرر الربحية ليفجع على الأقل من أن بعض الأسهم الشهيرة جدا التى يلهث وراءها هى لشركات خاسرة ! ] .

Egypt's 'Arab Polvara Spinning & Weaving' Annual Report, December 31, 2005.

No Comment!

[ تحديث : 22 مارس 2006 : 48 ساعة مرت ربما لا تكون كافية لإعطاء حكم أخير حول من فاز ومن انهزم . والصورة العامة للمنحنيات لا تزال تحتاج لبعض الوقت لتقرير أن منحى trend الهبوط البطئ قد انتهت وأن النزعة باتت صاعدة ( نحتاج لسلسلة من القيم العلوية الجديدة new highs من إقفالات ‑أى متوسطات‑ الأيام الكاملة ، لنقل على الأقل ثلاث دورات من الهبوط فالصعود لقمة جديدة أعلى ، أى ربما ثلاثة أو أربعة أسابيع على الأقل ) . لكن الواضح حتى اللحظة هو أن ‑ولو جزئيا أو مرحليا على الأقل ، وتأكيدا نفسيا ، ها قد عدنا للبيزنس المعتاد business as usual : صعود متواصل وحثيث لأسهم الأقطان زائد هيرمس وتراجع طفيف لكل الأسهم الجيدة حقا ، الصناعية والبنكية والخدمية ، أو بعبارة أخرى ها هى القاعدة الذهبية لأسواق المنطقة فى العامين الماضيين تعود من جديد : اشتر سهم شركة خاسرة تربح أموالا طائلة ، اشتر سهم شركة رابحة تخسر ما دفعت !

دعنا مرة أخرى نستثنى هيرمس من القسوة الشديدة لهذه الأحكام ، على الأقل فحتى لو السوق عطنة وفاسدة فى صعودها هذا ، فالسمسرة والتداولات وإدارة المحافظ … إلخ ، تترجم لأرباح حقيقية فى خزانتها . لكن ما الذى يحدث لخزائن العربية أو النيل أو غيرهما من شركات الأقطان ؟ الإجابة لا شىء ، هى دائما أبدا وحتى إشعار آخر يضعها على الطريق الصحيح ، على الأرض لا على أوراق البورصة ، إما شركات خاسرة صراحة أو ذات أرباح رمزية . ( لتعتبرها مصادفة لو شئت : اليوم أصدرت الشركة التالية من حيث الحجم فى قطاع الأقطان ’ العربية وپولڤارا ‘ ، ميزانيتها ، لكن مسبوقة على غير العادة فى معظم تقارير لائحات ( مجالس إدارات ) الشركات السنوية ، ببيان شديد القسوة يضع آفاقا شديدة الإظلام لصناعة القطن المصرية ، صدق أو لا تصدق ! إذا كانت الشركات تحقق الأرباح بمثل هذه الدرجة من الصعوبة ونحت الصخر ، وفى ظل مناسبة عالمية شرسة ، أفلا تستحون أيها المضاربون على الهواء بعد دهانه بالدوكو كما يقول التعبير المصرى الدارج عن الفهلوة ؟ لا نملك تحية لهذه الشركة الصادقة الشفافة ، إن لم نقل أيضا المحترمة ، إلا أن نضع صورة من تلك الصفحات هنا ، دون تعليق ! ) .

لعلك خمنت أنى لم ولن يحدث مطلقا أن لوثت أو سألوث يدى بأسهم مضاربة ورقية عطنة أبدا ، ومهما كانت الأرباح المحتملة من ورائها . كذلك لعلك خمنت من المدخل الأصلى ، أنى قد حققت أرباحا جمة من الاستثمار متوسط الأجل فى سهم هيرمس ، أو ما أسميته فى حينه أعلاه الاستثمار فى الاستثمار . نعم كل هذا صحيح ، بل لعلى أضيف أنى لا أنفى بل أتشرف أنى ربما أعود ثانية للاستثمار الكثيف فى سهم هيرمس حال تأكد صعود السوق ، وحتى بغض النظر عن نظافة أو قذارة هذا الصعود ككل طالما الاقتصاد نفسه جيد وصاعد ، وإن كنت بالطبع أطالبها ‑أو ربما فقط أذكرها برسالتها التاريخية أخلاقيا وكصانعة سوق‑ أن تكون دوما أكثر إيجابية فى تصحيح وإعادة تشكيل السوق على أسس علمية وجادة وأن تجهض محاولات المضاربة الكبيرة الزائفة فيه . إلا أننى فى مقابل كل ذلك الحديث عن الأرباح ، فما أريد الاعتراف له به حقا هنا هو ما يلى : أنا مثلا أمتلك الآن بعض الأسهم فى شركة إسمنت طرة ( التى أشرت إليها فى التحديث السابق كشركة ذات مكرر ربحية شديد التدنى ) ، وأشعر بزهو كبير لكونى شريكا الآن فى ملكية ثلاثة أرباع البليون الجديدة التى أضيفت ربحا العام المنقضى . مع ذلك أشك تماما أن سيصلنى فعليا شىء منها ، فسواء ضمتها الشركة لرأس المال أو حتى لو وزعتها ربحا نقديا أو أسهما مجانية ، فكل الذى سيحدث فى مثل هذه السوق القطيعية التى لا تعترف بشىء اسمه مكررات الربحية وليس بها صناع سوق محترمون ، هو انخفاض سعر السهم بما يوازى ذلك ، بحيث لن أحصل أبدا على أى شىء مقابل استثماراتى . أقصى ما يمكن أن يحدث لمثل هذه الأسهم أن يتوقع أو يعلم البعض مبكرا من داخل الشركات بأن مؤشرات الميزانية ستكون قوية جدا مقارنة بالميزانية السابقة ، فترفع مشترواتهم سعر السهم قدرا طفيفا ، لكنه سرعان ما يفقده فى خلال أيام قليلة عندما يبيعونها لدى إعلان الميزانية واكتشافهم أن أحدا لم يهتم بالأمر !

ها هى القاعدة الذهبية لأسواق المنطقة فى العامين الماضيين تعود من جديد : اشتر سهم شركة خاسرة تربح أموالا طائلة ، اشتر سهم شركة رابحة تخسر ما دفعت !

إن الفهلوة وعقلية قاطع الطريق ( لا البناء ) ، وكون التجارة شطارة وسائر مفاهيم الاقتصاد الإسلامى ’ القذر ‘ ( وهى ليست شتيمة إنما مصطلح علمى ) ، المبنى على المرابحة وعدم الفصل بين الصيرفة والاستثمار وتجريم ما يسميه الربا الذى هو أنبل وأخير ألف مرة من تحريمه ، وما يجب تجريمه فى الحقيقة هو اشتغال البنوك التجارية بشىء غير الربا ، تبدو كلها ‑ولأسباب چيينية مفهومة‑ متغلغلة فى عقولنا الباطنة لأعمق بكثير مما يلوح للوهلة الأولى على السطح العلمانى للاقتصاد .

لا يجب للحظة أن ننسى ما هى الحكمة أصلا وراء السوق الحرة والتنافسية المطلقة واقتصاد الدغل … إلخ . إنها تحقيق الغاية العليا للتطور ، العيش للأصلح !

لذا معيار الحرية والتقييد هو فقط مدى خدمة أو عدم خدمة هذه الغاية . مثلا لا عيب فى وجود حدود سعرية للتداول فى سوق المال ، 20 0/0 على مرحلتين خلال الجلسة الواحدة . الشركات على الأرض لا تربح أو تخسر مثل هذه النسبة فى يوم واحد ، ولا حتى فى شهور . وعمليا ثبت أن مثل ذلك القيد يضفى الكثير من العقلانية على السوق ويحميه من سيكولوچية القطيع ، وأنه فى الغالب الأعم ينجح فى عكس الاتجاه بعد الإيقاف من صعود لهبوط أو العكس بالعكس . إذن هو قيد معقول ويخدم الحقيقة التنافسية الجادة ، ولا بأس منه على الإطلاق . هذا مثال ، وما نطالب به إدارة البورصة وهيئة سوق المال من قوائم يومية لمكررات الأرباح تعمم فى الصحف اليومية ولو كإعلان مدفوع ، أو من تشدد فى معايير الإفصاح ، هى أمثلة لقيود أخرى لكنها تخدم بشدة الغاية التطورية . ما عدا ذلك فنحن لا يعنينا حماية أحد صغيرا كان أو كبيرا ، ولا المساس بأحد رابحا كان أو ضحية ، ففى النهاية أن لولا جشع الضحية لما وقعت عملية نصب واحدة فى التاريخ . وقطعا لا نريد إجراءات ولا قوانين تحظر المضاربة أو حتى محاولة النصب ، بل فقط أن نفعل قوى السوق الأخرى الخاملة والتى من شأنها أن تجهض مساعيهم ، وعلى رأس ذلك تجييش رءوس الأموال التى تدرك أن مصلحتها تكمن فى ثبات الربح على المجرى الطويل وليس مجرد المضاربة السريعة ثم ترك المعبد ينهار .

وبعد ، مرة أخرى نكرر ذات الاقتراح ببيان يومى لهيئة سوق المال يلخص مؤشرات الشركات ويوجه المستثمر الصغير بعيدا عن عقلية القطيع والوقوع فى خديعة كبار المضاربين . كذلك نذكر أن رسميا من حق إدارة البورصة أن توقف التداول ولو لأكثر من يوم على سهم كسهم العربية ( أو حتى هيرمس ) ، حتى تحصل على إفادة واضحة علنية ويومية من إدارة هذه الشركات أنه لا يوجد على أرض الواقع ما يبرر ارتفاع سعر السهم ، وألا تكتفى بردود مبهمة سافلة من نوعية ’ المفاوضات جارية ‘ !

إن الفهلوة وعقلية قاطع الطريق ( لا البناء ، وقد أفضنا فى هذا مليون مرة ! ) ، وكون التجارة شطارة وسائر مفاهيم الاقتصاد الإسلامى ’ القذر ‘ ( وهى كما أفضنا قبل قليل ليست شتيمة إنما مصطلح علمى ) ، المبنى على المرابحة وعدم الفصل بين الصيرفة والاستثمار وتجريم ما يسميه الربا الذى هو ‑أيضا كما سبق وشرحنا‑ أنبل وأخير ألف مرة من تحريمه ، وما يجب تجريمه فى الحقيقة هو اشتغال البنوك التجارية بشىء غير الربا ، تبدو كلها ‑ولأسباب چيينية مفهومة‑ متغلغلة فى عقولنا الباطنة لأعمق بكثير مما يلوح للوهلة الأولى على السطح العلمانى للاقتصاد .

لا يجب للحظة أن ننسى ما هى الحكمة أصلا وراء السوق الحرة والتنافسية المطلقة واقتصاد الدغل … إلخ . إنها تحقيق الغاية العليا للتطور ، العيش للأصلح !

لذا معيار الحرية والتقييد هو فقط مدى خدمة أو عدم خدمة هذه الغاية . مثلا لا عيب فى وجود حدود سعرية وجود حدود سعرية للتداول فى سوق المال ، 20 0/0 على مرحلتين خلال الجلسة الواحدة . الشركات على الأرض لا تربح أو تخسر مثل هذه النسبة فى يوم واحد ، ولا حتى فى شهور . وعمليا ثبت أن مثل ذلك القيد يضفى الكثير من العقلانية على السوق ويحميه من سيكولوچية القطيع ، وأنه فى الغالب الأعم ينجح فى عكس الاتجاه بعد الإيقاف من صعود لهبوط أو العكس بالعكس . إذن هو قيد معقول ويخدم الحقيقة التنافسية الجادة ، ولا بأس منه على الإطلاق ( وفى خاتمة المطاف البورصات ما هى إلا شركات وظيفتها تسهيل نقل ملكية الأسهم ، ومن حقها بل واجبها ترسيخ قواعدها وتقاليدها الخاصة ، ومن لا تعجبه هذه البورصة عليه الانتقال لأخرى أو تأسيس بورصته الخصوصية . أنا شخصيا لا يعجبنى حاجز الـ 5 بالمائة الصارم على غالبية الأسهم ، الذى يحدد الحدين الأقصى والأدنى بالقرش وليس حتى بتحرك سعر الاقفال المتوسط للعمليات ، ونتيجته أن معظمها يقف منذ الدقيقة الأولى إما عند +5 0/0 أو -5 0/0 ولا يمكن لأحد الشراء أو البيع . بل وحتى قد لا ينفذ أحيانا الحد الأدنى لتحريك سعر الإقفال وهو مائة سهم ، فتبدأ ذات الدوامة ومن ذات المربع بالضبط فى الصباح التالى . ذلك فى رأيى قيد مفرط وغير مفيد ، لكنها فى كل الأحوال رؤية البورصة المصرية وقرارها ، هى الفيصل ، تقتنع بتعديله أو لا تقتنع هذا حقها ) . ذلك مثال ، وما نطالب به إدارة البورصة وهيئة سوق المال من قوائم يومية لمكررات الأرباح تعمم فى الصحف اليومية ولو كإعلان مدفوع ، أو من تشدد فى معايير الإفصاح ، هى أمثلة لقيود أخرى لكنها تخدم بشدة الغاية التطورية . ما عدا ذلك فنحن لا يعنينا حماية أحد صغيرا كان أو كبيرا ، ولا المساس بأحد رابحا كان أو ضحية ، ففى النهاية أن لولا جشع الضحية لما وقعت عملية نصب واحدة فى التاريخ . وقطعا لا نريد إجراءات ولا قوانين تحظر المضاربة أو حتى محاولة النصب ، بل فقط أن نفعل قوى السوق الأخرى الخاملة والتى من شأنها أن تجهض مساعيهم ، وعلى رأس ذلك تجييش رءوس الأموال التى تدرك أن مصلحتها تكمن فى ثبات الربح على المجرى الطويل وليس مجرد المضاربة السريعة ثم ترك المعبد ينهار .

ما لم يحدث هذا فلربما تجدنا نتحدث فى المرة القادمة هنا أن البورصة وهيئة سوق المال متهاونتان مع كبار المضاربين ، إن لم نقل متخاذلتان أو متواطئتان أو ألفاظ أخرى من هذا القبيل ! ] .

[ تحديث : 27 مارس 2006 : أوه ، يا لها من إثارة التى نعيشها مع أسواق المال ، بالذات السوق المصرية . ما لم نكد نبرمج أنفسنا ‑استثماريا ونفسيا‑ للتأقلم مع سوق أفقية قد تمتد لشهور أو سنوات ، حتى يقول الناس كلمتهم أنهم يحبون المغامرة والمخاطرة ، فقط مع فارق إيجابى مهم ، أن دخل العلم قليلا فى الحسابات . الأسهم التافهة هبطت ولا تريد الصعود ، بينما البنوك والشركات الصناعية والتقنية ، ظلت متماسكة وبدأت فى كسب أرض سعرية ولو ببطء .

هل أصبح السوق صاعدا ؟ لا أحد حولى يوافقنى فى هذا الرأى . هنا أعود للحدس ، وأذكرك بما كنت قد قلته أصلا عن سهم هيرمس ، الذى تشعر به داخلك ، تنفعل معه بكل خلجاته ، تحس بكل ما يعتمل داخله ويريد قوله . ربما الصعود من 30 جنيها لحظة الإنهيار إلى 50 جنيها بعدها بقليل شىء متوقع ولا يعنى شيئا . الصعود من 50 إلى 63 على امتداد الأسبوع الماضى ، هو مؤشر اطمئنان ، والثقة أتت ربما من إعلان الشركة عن شراء أسهم خرينة . لكن لليوم الثالث على التوالى الحدس ينبئك بشىء مختلف نوعيا . السهم يشحن ويشحن عند سعر 62 جنيها وبعض الكسور كما غلاية تريد أن تنفجر . هذا الشعور وصلنى كثيرا على امتداد العام الماضى ، بحيث حين يطول عناد السهم عند سعر محدد لمدة يومين أو ثلاثة ، فإن الانفجار يأتى سريعا .

نعم كما قلت من قبل ، أنا أحب التحليل التقانى ونميت مؤشرا خاصا بى لاستخدامى الشخصى ، لكنه لا يصلح ‑ولا يمكن لأى مؤشر أن يصلح‑ إلا للأسهم الأكبر تداولا والتى تعد على أصابع اليد الواحدة فى السوق المصرية . عامة لا يمكن التعويل كثيرا على التحليل التقانى ، بالذات فى أسواقنا القطيعية ، وفى نفس الوقت الضحلة shallow بمعنى أن أغلب الشركات صغير ويستطيع شخص معه مائة مليون مثلا أن يجرف أو يحرث قاع السهم ويتحكم فيه كما شاء . ربما أيضا نستخدم أحيانا مصطلحات مثل الرايات المثلثة pennant ( أو المستطيلة ) أو مثل الفنجال ويد الفنجال أو مثل المطرقة المقلوبة inverted hammer … إلخ . لكنى فى كل الأحوال لا أريد أن أكون متباجحا ، أو أعطى التحليل التقانى ائتمانا علميا لا يستحقه ، بينما ما هو بعلم . واكتفى بالقول إنه فن كما يقول مخترعوه وأنجح أنصاره فى الغرب ، نحبه كفن ، وفن تعنى مشاعر وأحاسيس ، هذا ما يدور حوله الفن ، وهذا ما أفعله شخصيا بفطرية عميقة ، عليك أن تتوحد مع السهم ، السهم كائن حى ، عليك أن تشعر بأنفاسه وهى تصعد وتهبط ، بنبضه وهو يسرع ويبطئ ، بدقات قلبه تضطرب وتهدأ ، بارتعاشاته تتشنج وتخفت . يمكنك أن تصبح السهم صديقا مخلصا لك ، فقط إذا ما وصلت معه إلى مثل هذه الدرجة من التفاعل والتوحد الشعورى ، أو لو شئت بلغة ديانات جنوب آسيا وصلت للنيرڤانا . أو لو تحب ، فالوصف الأعمق ربما يكون ممارسة الجنس مع سهمك المفضل ، التسامى والتوحد الروحى والجسدى مطلوبان كما اليوجا ، فقط يزيد عليهما أن أهم شىء فى الجنس والأسهم معا هو التوقيت !

ليس ما نقوله بعلم ، مع ذلك ذهبت شخصيا أمس واليوم لأعود بالمجمل للسوق بنصف ما خرجت به ، أعود إلى قواعدى المعتادة : سهم هيرمس ! وغدا إلى أن يتيقن الحدس سأعود بالنصف الباقى غدا . الشق العلمى هنا ينطوى على معطيات متعددة . الثقة بالسوق معطى علمى . عودة بعض الأموال العربية المزمع معطى علمى . الأهم أن لا يزال الاقتصاد قويا وصاعدا ولبعض السنوات على الأقل . القرار العلمى يدعوك لوضع نسبة من استثماراتك ، أقترح وهذا رأى شخصى تماما ألا تكون كبيرة ، فى أسهم الشركات الراسخة الناجحة عالية الأداء . لديك على رأس قطاع البنوك البنك التجارى الدولى ، وإن كان كل القطاع واعدا بالنسبة للاستثمارات طويلة الأجل . لديك فى الشركات الصناعية الكثير بدءا من أوراسكوم للإنشاءات لحديد عز للنساجون الشرقيون وغيرها ، لديك فى الشركات التقنية كل شركات الاتصالات الأربع ، أوراسكوم تيليكوم المصرية للاتصالات موبينيل وڤودافون . نعم ، جميع هذه الشركات ذات مكرر ربحية فوق المتوسط ، ليس عاليا جدا ، لكن ليس منخفضا بالمقارنة بأخريات . كلها ما بين 15 و20 ، وكما يقولون حسن السوق ولا حسن البضاعة ، وشئنا أم أبينا نظرية الفوضى علم وتحصل على جائزة نوبل ! لذا ندعوك ضد كل هذا ، أن تضع فى الاعتبار بقوة تلك ’ الأخريات ‘ ، شركات الإسمنت التى ستكون فى تقديرنا نجوم العام الجديد ، أرباح بمئات الملايين لكل واحدة مع مكرر ربحية دون رقم 5 . شركات المطاحن وشركات الصناعة الأخرى التقليدية القديمة لها نفس المكررات لكن تاريخها الطويل من سوء الأداء والإدارة ’ ق . ع . ‘ قد يؤخر عودة الثقة بها لبعض الوقت . عدا هذه وتلك فلتبتعد بحزم عن قطاع الإسكان حتى يتخلص من أسعار المضاربة الحالية ، وبالطبع دعك من قطاع القطن ذى الأسعار الوهمية ، إلى أن يعيد هيكلة نفسه ويصمد للمنافسة العالمية التى أضرته أكثر مما خدمته ، وأن يبدأ فى تحقيق أرباح .

ما يتبقى لدينا بعد ذلك هو قطاع الاستثمار : هيرمس . مكرر الربحية عال جدا : 50 ! هل ندعوك للاستثمار فى سهم بمثل هذا المكرر . علميا يجب أن نقول لا . لكن نقرر ودون أن يخلو الكلام تماما من العلمية ، أن بنوك الاستثمار على نحو محدد يمكن استثناؤها من قانون مكررات الربح الصارم . هى بالذات يشكل العاملين المستقبلى والنفسى جزءا كبيرا من محددات ومقومات السعر فيها . سبق وقلنا هيرمس أفضل سهم لو السوق صاعدة ، وأسوأ سهم لو السوق هابطة . نحن نقول السوق عادت صاعدة من جديد ، حدس ربما ما لنا أن نصرح به قبل مرور أسبوع آخر على الأقل ، فالحدث التراچيدى الكبير بتحقق الحد الأدنى الجديد الثالث third new low ، بعد قاعى 21 فبراير و14 مارس ، لا يزال واردا ، والذى بعده يمكن القول إن المنحى trend بأكمله بات هابطا ، ولا تسأل عن سوق أسهم قوية إلا فى جيل آخر من البشر . القرار الآن أن عليك أن تبدأ بضخ النسبة الأكبر من أموالك فى سهم كهذا تحديدا قبل أن يقع الانفجار . الشرط الوحيد أن تدرب نفسك على ممارسة بعض اليوجا يوميا معه !

أما لو كانت اليوجا صعبة عليك أو لست بالتفرغ الكافى لها ، فالأفضل أن تعتصم بالعلم المجرد الصارم . انس فكرة الاستثمار فى الاستثمار التى سبق وقمنا بالتنظير لها ، فهى شديدة الخطورة وتشترط بالضرورة ، مثلها مثل الشراء بالهامش ، صعودا واضحا عتيدا وحثيثا للسوق . ودون ذلك التوحد النيرڤانى اليومى معها تصبح خسائرها جسيمة لو انعكست الحال ، وتأكيدا ستنعكس . البديل لكل هذه وتلك من المتاهات هو العلم : اذهب لشركات الصناعة والاتصالات ولأسهم البنوك الكبرى ، ربح أقل لكن مضمون بدرجة معقولة جدا ، زائد فخر بانتمائك لملكية مثل هذه الأسماء الكبيرة الناجحة . حتى لو أنت محنك حقا فى مثل هذه الأمور وتلك ، فصح الصح أن العب بنص فلوسك علم ، وبالنصف الآخر يوجا وجنس .

هذا ما أفعله أنا شخصيا ، وعدا ذلك ليس لدى كلام أكثر لأقوله ! ] .

[ تحديث : 28 مارس 2006 : بصراحة كنت أتوقع أن يحدث انفجار سهم هيرمس من اللحظة الأولى للتداول اليوم . وبصراحة أكثر كنت قد بدأت منذ ليلة أمس أشعر بالندم لأنى لم أعط حدسى الثقة الكاملة . الندم تحول إلى قلق ووصل ذروته حين وجدت نفسى أصل متأخرا قليلا بعد بداية الجلسة ، بسبب ما هطل من أمطار بالأمس على القاهرة ( متى يصبح التداول عبر الإنترنيت واقعا سلسا ومسلما به ؟ ) . المهم كانت مفاجأة كبيرة حقا وسارة جدا أن وجدت سهم هيرمس لا يزال يتداول عند تلك الـ 62 جنيها ، القمة المدببة للراية ، الصليب المستعرض ، يد الفنجال ، سمها ما شئت . اعتبرتها دعوة أخيرة لركوب الأمواج قبل أن تصبح عاتية وعالية . فعلا لبيت نداء الفرصة‑الصدفة بسعادة غامرة وبسرعة أحسد عليها . صدق الحدس فورا ، وجاء الانفجار بعد أقل من ساعة من بداية الجلسة . وبنهاية اليوم كنت قد ربحت خمسة جنيهات عن كل سهم ، والأهم منها أن نبوءتى المغامرة على مدى اليومين السابقين بعودة السوق للصعود ، وجدت أخيرا بعض الأنصار لها .

مع ذلك الغالبية ممن أعرفهم من مستثمرين ومضاربين لا تزال تعارضنى أبرزهم الشاب اللماح الوسيم خريج التجارة حسام الذى يضع كنغمة لهاتفه الخليوى صوت فحيحى لامرأة لبنانية مدلهة تستجدى الرد ’ أنا حبيبتك … أرچوك رد على… إلخ ! ‘ وتقول إن ليست السوق هى الصاعدة إنما هيرمس فقط . وكان ردى أن هناك أسهما لا تنظرون لها أبدا ، صعدت هى أيضا اليوم . أسهم رائعة كأسهم البنوك ، صعدت كلها اليوم ، رغم ما تنطوى عليه من مفارقة أن تصعد أسهم البنوك التجارية جنبا إلى جنب مع سهم هيرمس ، البنك الاستثمارى الرئيس فى مصر . بعض العقل والرشادة والمنطق أصبحت موجودة فيما يحدث . أما إذا كان تعريفكم لصعود السوق هو صعود أسهم شركتى العربية والنيل لحليج الأقطان أو أسهم شركات الإسكان ، فأخشى أن انتظاركم قد يطول بعض الشىء ! ] .

 

Donald Trump, who is on hand to promote his new book 'How to Get Rich,' speaks to a man at a book retailer in New York, March 24, 2004.

People Need Hope!

 27 أپريل 2006 : استطرادا لما كتبناه كثيرا عن الجيل الجديد من الإعلاميين السعوديين ثم بالأخص مجموعة قنوات إم بى سى ( انظر سردا أكثر تفصيلا لتلك المتابعات أعلاه ) ، تستحق هذه الأخيرة تنويها خاصا بمناسبة برنامج ’ المستثمر ‘ الذى أذيع ما يمكن تسميته الحلقة بعد الأخيرة منه اليوم . البرنامج نفسه هو النسخة العربية من برنامج تايكوون العقارات النيو يوركى الأشهر دونالد ترامپ ’ صبى المهنة ‘ The Apprentice ، لشبكة إن بى سى الذى كان واحدا من أشهر برامج الواقع المبكرة ، واشتهرت منه صرخته فى نهاية كل حلقة You're fired! . بدأ فى يناير 2004 ، وتواصلت مواسمه ، وحاليا يقدمه بالاشتراك مع مارثا ستيوارت ( هل تذكر كلامنا عنها وعن محاكمتها فى صفحة الاقتصاد ؟ ) .

كمعظم برامج الواقع العربية الجيدة الكبيرة ( مثل من يربح المليون ، ولحد ما البرنامج الموئود ’ الرئيس ‘ الذى كانت لنا بسببه وقفة تحية كبيرة للإم بى سى فى صفحة الحضارة ) ، هو يسير بدقة واضحة على خطى الأصل . لكن كما نلاحظ دوما أن قيمة هذه البرنامج حين تقدم فى أميركا ، لا تكاد تضاهى شيئا مما تمثله فى حال تقديم نسخة عربية منها . فهذه الأخيرة تمثل ثورة اجتماعية بالمعنى الكامل للكلمة ، وغالبا ما ستجدنا فى كل مرة نأتى فيها على ذكر الإم بى سى وقريناتها ، وقد تذكرنا تجربة الليبرالية المصرية وكيف شعت بنورها الثقافى على بقية العرب طيلة النصف الأول للقرن الماضى .

بالنسبة للمستثمر هو تشجيع للشباب من البلاد العربية على دخول مجال البيزنس ( فى برنامج ترامپ الفائز الأول يحصل على وظيفة مدير لأحد مشروعاته ، هنا يحصل الفريق الفائز ‑الفريق عبارة عن أخوين عادة‑ على نصف مليون دولار لبدء بيزنسه الخاص ، ومبالغ أقل للتالين له ) . هناك نظرية قالوها كثيرا فى أميركا ، سنقضى على الشيوعية بالإسلام ، ثم سنقضى على الإسلام بالمال والجنس . لن نخوض فى هل هذا ممكن أم لا ، وأين تقع البنية الچيينية للشعوب فى مثل هذه المعادلات ، فقط نذكر بصيغة كنا قد طرحناها قديما فى الدراسة الرئيسة لصفحة الثقافة ، أخذت عنوان لأغنية لفريق الأبا ’ الناس تحتاج الأمل ‘ . ما أريد قوله إن هذا واجب أخلاقى عظيم تجاه الأجيال الجديد ، بغض النظر عن تحليلنا الچيينى شديد التشاؤم . شخصيا كنت ولا زلت بصدد تأليف موسوعة للنشء عن تجارب النجاح الكبرى فى مجال البيزنس تاريخيا وعالميا . وقبلها كنت أفكر فى ترجمة الكتب الشهيرة لكيفية النجاح مثل كتاب ڤاندربيلت أو ’ كيف تصبح مليونيرا ‘ وغيرها كثير ، فى إطار سلسلة كلفتنى الهيئة المصرية العامة للكتاب بوضع تصور لها ، فاخترت أن تكون الكتب الأكثر جماهيرية فى القرن العشرين . ولحسن الحظ أن ترجم بالفعل الكثير من كتب البيزنس تلك بالذات فيما بعد ( لا غرابة أن ترامپ نفسه قد ألف كتابا جديدا بعنوان ’ كيف تصبح غنيا ‘ بالتزامن مع تدشين برنامج ’ الصبى ‘ ) . حتى اللحظة ’ المستثمر ‘ هو أكبر فتح بالعربية على هذه الجبهة ، جبهة الأمل التى ستكافح التدين والإرهاب واحتراف قطع الطريق على حضارات الآخرين .

Donald Trump and girlfriend Melania Knauss arrive at the MTV Video Music Awards, outside New York's Radio City Music Hall, Aug. 28, 2003.

Who’s Jafali’s Knauss?

Donald Trump and Martha Stewart tape a promotion campaign for both of their 'The Apprentice' shows, New York, August 1, 2005.

Youre Fired!

بصراحة فى البداية ‑وبسبب العنوان الردئ المضلل والذى سأعود له حالا‑ كنت أتوقع أن أجد انجرافا ما لفكرة الربح السريع ، داء الاقتصادات القذرة ، وعلى رأسها جميعا الاقتصاد الإسلامى ( كلام مطول سابق لنا ) . توقعت أن يطلب من المتنافسين مثلا مضاعفة النقود من خلال المضاربة فى الأسهم أو من خلال تجارة العقارات ، المحورين الوحيدين تقريبا فى اقتصادات الخليج ومحورى نشاط المال البدوى عبر كل الجلوب . ما حدث هو العكس . تحديات فى صميم ولاية البيزنس business administration ، بمعناها الحقيقى إن لم نقل الكلاسى .

مع ذلك نضيف أن ليس المهم تلك الدروس المباشرة التى قدمها البرنامج بوفرة ، وليس حتى فقط تركيزه المباشر أكثر من مرة على أننا يجب أن نكون جزءا من بقية العالم لا خصوم له ، إنما أهم الأشياء إطلاقا هو ذلك الأمل ، روح التحرر والتفاؤل والإقبال على الحياة التى أشعت فى كل لحظة منه . فى الحلقة ’ الأخيرة ‘ الأسبوع الماضى وصلنا لذروة جديدة ، حين رأينا البليونير وليد الجفالى ، محكم البرنامج ، فى أجواء حياته اللندنية ، ماذا يرتدى ونوعية الفاتنات اللاتى يحطن به … إلخ ، وطبعا الشائعات الشخصية عنه مادة خصبة للصحف ، لعل ليس آخرها الكلام أنه يواعد فاتنة فاتنات الغناء العربى ( هيفاء وهبى أنت تعرف من ! ) . وربما أيضا هذه المواصفات تحديدا هى أهلته كأقرب رجل بيزنس عربى لشخصية دونالد ترامپ ( انظر بعض صورة مختارة لترامپ بمناسبة حديثنا عن السياحة والجنس فى مدخلنا عن الدكتور الجنزورى فى صفحة السياسة . وأخبرك بسر أن هذه الصور تحديدا له مع الموديل الفاتنة ميلانيا كناوس ‑عروسه فيما بعد‑ قد تسببت فى جماهيرية هائلة للصفحة لم أتوقعها قط ، وجعلتها لفترة غير قصيرة رقم 1 على موقعنا ، ذلك أنى لم أكن أعرف أن كليهما بمثل هذه الجماهيرية الجارفة ! ) . ذلك بالطبع مع فارق أن ترامپ لم يختر للبرنامج من أجل تلك المواصفات تحديدا ، وأن اختيارها فى شخص كالجفالى يمنحها القيمة الثورية الأبعد بكثير التى تحدثنا عنها . حلقة اليوم التى قدمت كواليس البرنامج ككل . كم هم متحررون أولئك الفنيون الذين صنعوه ، فى ملبسهم وفى سلوكياتهم وفى كل شىء ، أيضا كم هم مرحون سعداء خفيفو الظل . إنه برنامح يعرف جيدا نوع البضاعة التى يريد تقديمها ، نوع الخصم الذى يحاربه ، ونوع الأمل الذى يريد زرعه . ولا نملك إلا القول أنه فعل ما عليه فعله باقتدار كامل ، أما أثره الواقعى الفعلى فهو قصة أخرى ، يمكن أن نتركها للتاريخ .

فقط لدى ملحوظة سلبية واحدة هى العنوان ، والذى ألغزنى من اللحظة الأولى للإعلان عن البرنامج . لا وليد الجفالى مستثمر ولا البرنامج يدور حول الاستثمار . هو رجل بيزنس والبرنامج يدور حول ولاية البيزنس . ربما إعلاميا أرادوا كلمة واحدة صغيرة وتصبح دارجة ، لكن يظل الاستخدام غير الدقيق للمصطلحات آفة شائعة عندنا ، وأتمنى أن يكون هذا هو كل ما فى الأمر . لن نخوض مجددا فى المزيد أن ما يحيطنا من أفكار الاقتصاد الإسلامى البدائى ’ القذر ‘ ( انظر شرحا بالأعلى مرتين على الأقل هنا وهنا ، ثم مؤخرا جمعنا كل الكلام عن الاقتصاد الإسلامى فى صفحة السياسة هنا ) . ذلك الاقتصاد الذى يرتكب ملايين الخطايا بتحريمه ما يسميه الربا ، ومن ثم يضبب المسافة بين الصيرفة وبين الاستثمار ، الذى هو جريمة كبرى فى عرف الاقتصادات الحديثة . هذه المرة البرنامج يضبب من جديد المسافة بين البيزنس وبين الاستثمار ، وهى ليست جريمة وحسب إنما شىء لم يخطر ببال أحد أصلا . لكنها كما قلنا عقلية الاقتصاد الإسلامى الرعوى الذى يرى فى التجارة والمرابحة وشراء وبيع الأسهم ، وبناء العقارات وتمليكها على ريقة اخطف واجرى ، هى آخر أفق ممكن للاقتصاد والعيش ، وليس البيزنسات الإنتاجية والخدمية التى تكافح للإعمار الحقيقى على الأرض ، وللاستثمار لقرون للأمام . لا نريد بهذه الكلمات أن نفسد عرسا عظيما وتاريخيا كهذا البرنامج ، لكنها فقط كلمات ندسها فى آذان صناعه ، لعل وعيهم ‑الرائع بالفعل‑ يصبح حقا أكثر اكتمالا بطبيعة التحدى ‑أو العدو لو شئت‑ الذى يحاربونه . اكتب رأيك هنا

25 نوڤمبر 2009 :
شراء الجعيرة لقنوات إيه آر تى الرياضية هذا الشهر هو قبلة الموت لها وربما لكل الدولة‑القناة !
هذه كانت جزءا من متابعة صفحة الاقتصاد لانهيار أكذوبة الاقتصاد الإسلامى عالية الضجيج المدعوة إمارة دبى ، فإلى هناك .

Facebook Group Everyscreen

(Non-Official Group)

صفحة الصناعة م الآخر ( 128 ) :

1 مارس 2010 :

ما جرى هذا الأسبوع من بدايات اندماج للأمير الوليد بن طلال فى نيوز كورپوريشن
هو نبوءة حرفية لنا عمرها الآن 10 سنوات بالضبط :
فى صفحة الصناعة كتبنا فى يونيو 2000 ما يلى :
‘ 
لو افترضنا حتى أن فى تخطيط شخص كالأمير بن طلال أن يجمع فعلا
كل الثقافة الناطقة بالعربية أفلاما وموسيقى وصحافة وكتب فى مؤسسة واحدة كبرى
طبقا لحقيقة أن لا أمل إلا بالاندماج والتعملق ، فإن السؤال سيظل مطروحا :

وهل الثقافة الناطقة بالعربية بالحجم الكافى لصنع شركة ناجحة ؟ … الإجابة عندنا هى لا !
الثقافة الناطقة بالعربية بكامل تاريخها لا تساوى 2 بليون دولار ؛ ربما تساوى بليونا واحدا فقط !
ولا أمل حقا إلا إذا اشترى صاحب هذه الشركة أحد الستوديوهات الهولليوودية كما يفعل الفرنسيون حاليا من خلال شراء يونيڤرسال ،
بل ربما نذهب للزعم أن لا أمل حتى من خلال هذا إذا وضعنا فى الاعتبار فشل أغلب التجارب السابقة فى شراء الأجانب لستوديوهات هولليوودية ( انظر الصندوق ) .
فقط ما يجب أن نسجله هنا أن لا شك أو تشكيك فى أن إقدام شخصية مثل الأمير الوليد على خطوة من هذا النوع
لن يأتى إلا بعد دراسة عميقة ولن يكون على الأرجح سوى بالخطوة الناجحة استشفافا من سجله الكبير الباهر ،
وطبعا طبعا لا نقصد أن بيع أصول السينما المصرية للعرب هو إهدار لها وللتاريخ الوطنى ...إلخ ،
كما تقول الصحافة المصرية الأكثر همجية وجهلا معا كما هو واضح من كل نظائرها فى العالم .
فالمؤكد أن العكس هو الصحيح وأن هذا الذى يسمونه احتكارا هو الطريق الوحيدة للحفاظ على التراث السينمائى وغير السينمائى المصرى ،
وكان أمام الدولة وأمامهم ‑وأقصد رجال البيزنس فالسينمائيون الفاشلون وكل الصحفيين هم دائما أبدا لا شىء‑
كان أمامهم دهور كاملة لحفظه ولم يحدث شىء سوى المزيد من التدهور .
كذلك فالمؤكد أيضا أن أى مستثمر أو رجل بيزنس عربى اليوم أيا من كان ، ناهيك عن الأمير الوليد بن طلال بالذات ،
هم أكثر استنارة بما لا يقاس من كل هؤلاء الكتاب والسينمائيين مجتمعين وهم الغارقون فى الرجعية والتدين وأشباح الماضى ،
وينظرون لمن أصبحوا يسبقونهم بطفرات وطفرات على أنهم ما زالوا رمزا لهذه الأشياء أو غيرها ،
واعفونا من تكرار ما يقال فهو قمئ وبذئ ومثير للتقزز حقا
 ’ .
انتهى اقتباس يونيو 2000 ،
ولم يمض بعده وقت طويل حتى تدهورت مطامح الشركات التى كانت تشترى الأفلام المصرية ، إلى أن تفككت تقريبا .
وبالفعل دخل الوليد للساحة كما توقعنا وأسس شركة روتانا ،
وبالتوازى كانت النبوءة تتحقق باستثماره لبعض أمواله فى نيوز كورپوريشن
 ،
والآن ها هى تتطور الشراكة إلى نوع من بوادر الاندماج داخل هذه الشركة العملاقة
( كلامنا عنها مؤخرا كان وفيرا أو بالأحرى يفوق الخيال : هنا وهنا ) ،
وهذا حرفيا لا يعنى أنه وجد ذراع توزيع عالمية ، بل بالأحرى نيوز كورپ هى التى وجدت ذراع إنتاج شرق أوسطية ،
وهذا شىء أفضل بكثير لأن النموذج الياپانى والفرنسى كان يجعل الستوديو الأميركى هو الجزء الصغير وشركتهم هى الأكبر ،
لكن الوليد اختار كيانا عملاقا جدا راسخا جدا ، وقرر أن يكون هو مجرد جزء منه ، وهو قرار استحسناه للغاية فى حينه
المدخل الذى سبق الإحالة إليه يعود إلى يوليو 2005 وكان متابعة رئيسة منا لأخبار شراكة ميردوك والوليد وتأسيس روتانا ) .
عندما رجعت الآن للاقتباس الوارد أعلاه اكتشفت أنه لم يكن نبوءة واحدة بل اثنتين ،
واحدة هى المشار إليها الخاصة باندماج الوليد فى ميردوك ،
والثانية هى همجية وجهل الصحافة المصرية ( طوفان كتابات أعطيك عينة واحدة لأن بها أسماء كثيرة شهيرة ) .
… لكنى فى المقابل اكتشفت أنى أنا نفسى ربما كنت غبيا ،
والهمجية والجهل ليست عند الصحفيين أو المثقفين وحدهم ، إنما عند رجال البيزنس أيضا .
بكل معنى الكلمة قلبى اتوجع وأنا أقرأ كلام المدعو عصام عبد الهادى رئيس الشركة الحكومية المالكة لعدد من الأفلام المصرية
أنه لن يجد عقد بيع الحقوق لروتانا لأن ‘ ميردوك معروف بتأييده وتعاطفه مع إسرائيل ’ .
ما حدش إدى الجدع ده خبر أننا عملنا معاهدة سلام مع إسرائيل ( موش ها أقول ما حدش إدى له خبر مين يكون ميردوك ؟ ) ؟
ثم هل بالذمة ده رئيس شركة ده مفروض شغلته البيزنس والإدارة والربح موش الخطب الحنجورية ؟

سؤال : لا أدرى لماذا لا يستجيب أحد لمبادرتنا لمقاطعة وطرد الشركات العربية ،
إلا بمحاربة الوليد بن طلال ، أفضلهم جميعا أو على الأقل أقلهم ضررا حسب نص المبادرة .
حين كتبت هذا تحديثا لأخبار المبادرة نسيت ‑وهو غباء أيضا‑ أن السبب الحقيقى هو أبسط بكثير مما حاولت التخيل :
السبب ليس أنه سعودى ، إنما أنه شريك لميردوك اليهودى !

3 مارس 2010 :
بعض الآراء التى جاءت متأخرة ‘ بردت القلب ’ شوية ،
كلمات هانى جرجس فوزى ومنيب شافعى فى الشروق اليوم ،
تؤكد أن البعض لا يزال فاهم الدنيا ماشية إزاى ولم يرضخ لغسيل الدماغ العنيف المتواصل فى إعلامنا الهمجى الجاهل .

المشكلة أنا لا نريد آراء ، نريد تنفيذا ، وبصراحة إللى حصل فضيحة للبيزنس وللحكومة سواء بسواء !

8 مارس 2010 :
الخبر السيىء حقا أتى :
مقر رئاسة أركان الشراكة الجديدة ستكون أبو ظبى ، هذا ما أعلنه ميردوك والوليد معا هناك اليوم !
كيف اختارت الشركة الجديدة إمارة أبى ظبى لتصبح مركزا لعملياتهما الإنتاجية ، وليس مصر ؟ !
ببساطة الكل نايم على ودانه من وزير الاستثمار حتى شركات البيزنس بتاعتنا ،
ولو موش نايمين على ودانهم يبقى مرعوبين من ابتزاز الصحافة ، والمصيبة أعظم .
بس خلاص ، لأن الموضوع ده قارفنى آخر مغص !

Facebook Group Everyscreen

(Non-Official Group)

| FIRST | PREVIOUS | PART II | NEXT | LATEST |